مكتبة الموقع
احصائية الزوار
لهذا اليوم : 32
بالامس : 24
لهذا الأسبوع : 390
لهذا الشهر : 1377
لهذه السنة : 15830
المتواجدين الآن
يتصفح الموقع حالياً 21
تفاصيل المتواجدين
الجملة الاستفهامية في الدرس الأصولي
المقال
الجملة الاستفهامية في الدرس الأصولي
173 |
11-08-2024
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ونبيه الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فهذه مقالة عن الجملة الاستفهامية، وكيفية استنباط الأحكام منها، أجملها في الأمور الآتية:
الأمر الأول: يتكلَّم النحاة والبلاغيون عن الجملة الاستفهاميَّة، عن أدوات الاستفهام، وإعرابها، ووظائفها، ويمكن إجمال ما ذكروه في الآتي:
كل الكلمات التي تستعمل في الاستفهام أسماء ما عدا كلمتين، هما: هل والهمزة، فهما حرفان، وهذان الحرفان مبنيان لا محل لهما من الإعراب.
أما أسماء الاستفهام: (مَن)، و(ما)، و(كم)، و(أيان)، و(أين)، و(أنى)، و(ماذا)، و(أي)، و(كيف). وسيأتي أنَّ لها معانيَ تخصُّها، وتُستعمَل فيها.
وهذه الأسماء كلها مبنية أيضًا ما عدا كلمة واحدة وهي (أي)؛ لأنها تضاف إلى مفرد، فتقول: أيُّ رجلٍ جاء؟
وجملة الاستفهام جملة طلبية، فهي طلب الفهم كما يقولون، ومن ثَمَّ فإن للاستفهام وظيفتين[1]: طلب التصديق، وطلب التصور.
الوظيفة الأولى: التصديق، هو الذي يسأل عن الجملة التي بعد كلمة الاستفهام: أصادقة هي أم غير صادقة؛ ولذلك يُجاب عنها بـ (نعم) أو (لا). ويستعمل في هذه الجملة حرفان: الهمزة وهل.
الوظيفة الثانية: طلب التصور؛ أي: تصور «المستفهم عنه»، ولا تسأل هنا عن صدق الجملة المستفهم عنها.
وللدكتور عبدالعظيم المطعني- رحمه الله- بسط لوظائف الاستفهام، حيث ذكر أن للاستفهام دلالتين كسائر أساليب اللغة، فقال: «الأولى: دلالة وضعية، وهي طلب الفهم، يعني أن المستفهم يطلب فهم شيء يجهله من المخاطب بالاستفهام؛ كقول السائل: أين الطريق؟ وما اسمك؟ ومتى حضرت؟ وإلى أين تسير؟ إذا كان المستفهم يجهل الطريق، واسم المسئول، وزمن حضوره والجهة التي يقصدها.
الثانية: دلالة مجازية، وضابطها: أن يكون المستفهم ليس في حاجة إلى فهم شيء من المخاطب بالاستفهام؛ بل هو ينشئ معانيَ يقتضيها المقام قاصدًا إعلام المخاطب بها، لا أن يستعلم هو من المخاطب عن شيء، ومثاله قولك لمن تراه ينهر أباه: أتنهر أباك؟! تريد أن تنكر عليه نهره أباه وتوبِّخه على ذلك.... ومزايا أسلوب الاستفهام تكمن في هذه الدلالة المجازية؛ لكثرة ما فيها من الأغراض واللطائف، وهذا ما يسميه البلاغيون بـخروج الاستفهام عن معانيه الوضعية إلى معانٍ أخرى مجازية تُفهَم من السياق ومقامات الكلام.
وللاستفهام- بهذا الاعتبار- قسمان كبيران: الأول: الاستفهام التقريري، ويكون الاستفهام تقريريًّا إذا كان المستفهم عنه مثبتًا في المعنى، مثل قوله تعالى يخاطب الرسول الكريم: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، وقول فرعون لموسى - عليه السلام -: ﴿ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا ﴾ [الشعراء: 18]، وقولك لمن سبق منك إليه إحسان ومعروف: أأحسنت إليك؟
ومن ضوابط الاستفهام التقريري حلول (قد) محل أداة الاستفهام؛ أي: قد شرحنا لك صدرك، قد ربَّيناك فينا وليدًا، قد أحسنت إليك.
القسم الثاني: الاستفهام الإنكاري، ويكون الاستفهام إنكاريًّا في صورتين:
الأولى: أن يكون ما بعد أداة الاستفهام منفيًّا لا وجود له في الواقع.
ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿ أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً ﴾ [الزخرف: 45]؛ أي: لم نجعل ذلك قط، وقوله عز وجل في الرد على المشركين الذين زعموا أن الملائكة إناث: ﴿ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ﴾ [الزخرف: 19]؛ أي: لم يشهدوا خلق الله للملائكة حتى تكون شهادتهم سندًا لهم في دعواهم.
الثانية: أن يكون ما بعد أداة الاستفهام مثبتًا له وجود في الخارج؛ لكنه كان ينبغي ألَّا يكون أصلًا.
ومن أمثلته قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2]، فالقول الواقع بعد الاستفهام واقع وله وجود في الخارج؛ لكنه كان ينبغي ألا يكون؛ لأن القول إذا لم يُصدِّقه عمل مخلص لله كان مذمومًا، وقوله تعالى في توبيخ المشركين: ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 28]، هذان هما القسمان الكبيران للاستفهام الخارج عن دلالاته الوضعية إلى دلالات مجازية تُفهَم من السياق ومقامات الكلام.
ويتولَّد عن هذين المعنيين الكبيرين: التقرير والإنكار، معانٍ أخرى تناسب المقام، وتراها كثيرة الدوران على ألسنة المفسرين لكتاب الله العزيز، مثل: التوبيخ، التقريع، التكذيب، النفي، التنديم، التحسير، التيئيس، التشويق، التسلية، التعزية، التسرية، الأمر، التعجيز، النهي، الحث، التحضيض، الاستبعاد، الامتنان، التبهيج، الزجر، التنبيه على الخطأ... إلخ، وهذه المعاني صالحة للردف على كل من التقرير والإنكار، وفي بعض المواضع يتبع التقرير الإنكار، والإنكار يتبع التقرير، ولهذا شيوع في صور الاستفهام في القرآن الحكيم.
وفي هذا يقول الإمام عبدالقاهر معقبًا على أمثلة ذكرها: (واعلم أن الهمزة فيما ذكرنا تقرير بفعل قد كان، وإنكار له لم كان، وتوبيخ لفاعله عليه) [2]؛ ا.هـ[3].
قلت: وكثير من الأصوليين ينقلون ما سبق من وظائف عند حديثهم عن أنواع الكلام، وكون الاستفهام داخلًا في نوع الإنشاء. وأما المعاني المجازية للاستفهام فهي محلٌّ ومناطٌ كبيرٌ لاستنباط الأحكام الشرعيَّة التكليفية، وقد فصل في أنواعها العز بن عبدالسلام في كتابه الإمام في بيان أدلة الأحكام؛ إذ الإنكار وما يندرج معه من تكذيب وتوبيخ وتقريع دلالة على كون الفعل منهيًّا عنه، والتقرير وما يندرج تحته من تحضيض وامتنان دلالة على طلبه ومشروعيته. سواء توجه الإنكار للفاعل أو الفعل، حيث إنه لم يتوجه للفاعل إلَّا لأجل الفعل.
ومن المواطن التي أورد الأصوليون ما سبق من وظائف للاستفهام عند حديثهم عن أنواع الكلام، قال المرداوي: «قَوْله: "وَغير الْخَبَر إنْشَاء وتنبيه" قد علم أَن للْكَلَام أنواعًا فلا بُدَّ من بَيانها، والْفرق بَينها؛ ليحصل الاسْتِدْلال بها على المُراد، ولِلنَّاسِ فِي تقسيمه طرق، فَمِنْهمْ من يقسمهُ إلى: خبر، وإنشاء، وهذا هو الَّذي قدمنا؛ لأنه إن احْتمَل الصدْق والْكذب فَهُوَ الْخَبَر، وَإِلَّا فَهُوَ الإِنْشاء. وَذَلِكَ الإِنْشاء إِمَّا طلب أَو غَيره، وَهُوَ الْمَشْهُور باسم الإِنْشاء، والطلب إِمَّا أَمْر أَو نهي أَو اسْتِفْهام؛ نَحْو: قُمْ وَلَا تقعد، وَهل عنْدك أحد؟...»[4].
كما أن بعضهم يذكره عند الحديث عن حروف المعاني، حيث تكلموا عنها باعتبار ما يطلب بها؛ كقول أبي زرعة العراقي في الغيث الهامع: «(هل) حرف استفهام، ولا يستفهم بها عن التصوُّر، وهو العلم بالمفردات؛ أي: لا يسأل بها عن ماهية الشيء، وإنما يستفهم بها عن التصديق وهو النسبة؛ أي: إسناد شيء إلى شيء، ولا يستفهم بها عن النفي، فلا يقال: هل لم يقم زيد؟ وإنما يستفهم بها عن التصديق الإيجابي؛ كقولك: هل قام زيد؟ وقد ترك الشارح هذا فلم يذكره ولم يشرحه؟»[5].
الأمر الثاني: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام في مباحث الحكم الشرعي التكليفي؛ إذ يعدُّ من الأساليب الشرعيَّة الدالة على الحكم الشرعي، على ما سبق، حيث إنه يدلُّ على التحريم إن كان الاستفهام إنكاريًّا، أو توبيخيًّا، أو كان بمعنى النهي، ويدلُّ على الطلب- إيجابًا أو ندبًا- إن كان الاستفهام دالًّا على الحضِّ والترغيب، أو كان بمعنى الأمر.
يقول العز بن عبدالسلام: «التوبيخ والإنكار إن تعلَّقا بفعل دلَّا على النهي عنه، وإن تعلَّقا بتَرْك دلَّا على الأمر بالمتروك»[6].
ويقول التفتازاني تعليقًا على قوله تعالى: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾ [الأعراف: 12]: «... والاستفهام للتوبيخ والإنكار والاعتراض، وهو إنما يتوجه على تقدير كون الأمر للإيجاب ليستحق تاركه الذم»[7].
قال الدكتور علي المطرودي معقبًا على كلام التفتازاني: «فإذا كان إنكار التَرْك يدل على الوجوب، فإن إنكار الفعل يدل على التحريم؛ لأن الواجب ضده المحرم، وضد الترك الفعل.... كما أن الاستفهام الإنكاري لا يخلو من معنى التوبيخ واللوم والعتب، وقد قرَّر كثير من الأصوليين أن هذه الأمور لا تكون إلا في فعل مُحرَّم، أو تَرْك واجب»[8].
ووجه الاستنباط هنا ظاهر، فيُقال- مثلًا - دلَّ الاستفهام على الإنكار والتوبيخ، ولا يكون ذلك إلَّا على ترك واجب، أو فعل محرم؛ كالاستدلال على وجوب السجود لآدم، كما في الآية السالفة، أو وجوب الجهاد، من قوله: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ ﴾ [النساء: 75].
يقول الرازي: «اعلم أن المراد منه إنكاره تعالى لتركهم القتال، فصار ذلك توكيدًا لما تقدم من الأمر بالجهاد، وفيه مسائل: المسألة الأولى: قوله: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ ﴾ [النساء: 75] يدل على أن الجهاد واجب... »[9].
الأمر الثالث: يتكلَّم الأصوليون عن صوارف الأمر عن الوجوب، وهل يكون وروده بعد سؤال صارفًا من الصوارف؟
قال المرداوي: «قَالَ فِي الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة: إِذا فرعنا على أَن الْأَمر الْمُجَرَّد للْوُجُوب فَوجدَ أَمر بعد اسْتِئْذَان، فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوب بل الْإِبَاحَة، ذكره القَاضِي مَحل وفَاق، قلت: وَكَذَا ابْن عقيل، ثمَّ قَالَ: وَإِطْلَاق جمَاعَة: ظَاهره يَقْتَضِي الْوُجُوب، مِنْهُم: الرَّازِيّ فِي الْمَحْصُول، فَإِنَّهُ جعل الْأَمر بعد الْحَظْر والاستئذان، الحكم فيهمَا وَاحِد، وَاخْتَارَ أَن الْأَمر بعد الْحَظْر للْوُجُوب، فَكَذَا بعد الاسْتِئْذَان عِنْده. انْتهى»[10]، ثمَّ ذكر الخلاف المترتب على القول بذلك على الفروع، ثمَّ قال: «وَفِي الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة: الْأَمر بماهية مَخْصُوصَة بعد سُؤال تَعْلِيم؛ كالأمر بعد الاسْتِئْذَان فِي الْأَحْكَام وَالْمعْنَى، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَقِيم اسْتِدْلَال الْأَصْحَاب على وجوب الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فِي التَّشَهُّد الْأَخير بِمَا ثَبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أَنه قيل لَهُ: يَا رَسُول الله، قد علمنا كَيْفَ نسلم عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: (قُولُوا: اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد...) الحَدِيث [11]....إلخ»[12].
الأمر الرابع: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام عند ذكرهم لصيغ العموم، ومنها أسماء الاستفهام.
قال الجويني: «وألفاظه أربعة:... والأسماء المبهمة، كـ (من) فيمن يعقل، و(ما) فيما لا يعقل، و(أي) في الجمع، و(أين) في المكان، و(متى) في الزمان، و(ما) في الاستفهام والجزاء وغيره»[13].
وتسميتها بالمبهمة؛ لأن «الاستفهام إنما يحسن مع إطلاق المحتمل من الألفاظ العاري، مما يدل على اللفظ إلى بعض محتملاته، وهذه قضية الاستفهام عن المراد بسائر الألفاظ المدعاة للعموم»، قاله القاضي الباقلاني[14].
ووجه الاستنباط من صيغ العموم ظاهر، يحتاج فقط لدخول المحكوم عليه تحت لفظ العموم حتى يأخذ حكمه.
الأمر الخامس: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام كذلك في صيغ العموم، حيث يعدون النكرة في سياق الاستفهام الإنكاري تفيد العموم، وبيَّنوا وجه كونها من صيغ العموم.
قال ابن النجار الفتوحي: «وَكَذَا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ اسْتِفْهَامٍ إنْكَارِيٍّ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ فِي بَابِ مُسَوِّغَاتِ الابْتِدَاءِ وَصَاحِبِ الْحَالِ، وَفِي بَابِ الاسْتِثْنَاءِ، وَفِي الْوَصْفِ الْمُبْتَدَأ الْمُسْتَغْنَى بِمَرْفُوعِهِ عَنْ خَبَرِهِ عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ النَّفْيَ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ الاسْتِفْهَامُ؛ نَحْوَ: هَلْ قَامَ زَيْدٌ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴾ [مريم: 98] ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، فَإِنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لأَنَّ الإِنْكَارَ هُوَ حَقِيقَةُ النَّفْيِ»[15].
تنبيه ذكره المرداوي فقال: «تَنْبِيه: هُنَا سُؤال، وَهُوَ أَنه: لم جعلُوا هُنَا السُّؤَال والحادثة قرينَة صارفة عَن القَوْل بضد الحكم فِي الْمَسْكُوت، وَلم يجْعَلُوا ذَلِك فِي وُرُود الْعَام على سُؤال أَو حَادِثَة صارفًا لَهُ عَن عُمُومه على الْأَرْجَح، بل لم يجروا هُنَا مَا أجروه هُنَاكَ من الْخلاف فِي أَن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ، أَو بِخُصُوص السَّبَب وَإِن كَانَ حكى عَن القَاضِي أبي يعلى فِيهِ احْتِمَالَيْنِ.
وَقد يُجَاب بِأَن الْمَفْهُوم لما ضعف عَن الْمَنْطُوق فِي الدِّلَالَة انْدفع بذلك، وَنَحْوه، وَقُوَّة اللَّفْظ فِي الْعَام بِخِلَاف ذَلِك حَتَّى إِن الْحَنَفِيَّة ادَّعوا أَن دلَالَة الْعَام على كل فَرد من أَفْرَاده قَطْعِيَّة، كَمَا تقدم فَلم ينْدَفع بذلك على الطَّرِيقَة الراجحة»[16].
الأمر السادس: يذكر الأصوليون مسألة ورود الخطاب من صاحب الشرع بناءً على سؤال سائل، ويفصلون الحكم فيها، وملخصه: إن الخطاب والجواب الوارد من الشرع قد لا يكون مستقلًّا بنفسه، وقد يكون مستقلًّا بنفسه، وإن كان مستقلًّا بنفسه، فقد يكون مطابقًا للسؤال، وقد يكون أعَمَّ، وقد يكون أخصَّ.
ففي الأول يكون الجواب مقصورًا على السؤال ومضمومًا إليه، ويمثلون له: بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأبي بردة بن نيار: ((يجزيك ولا يجزي أحدًا بعدك)) [17]؛ فهذا خرج على قول أبي بردة: لا أجد إلا جذعة من المعز، فيكون تقديره: إذا ذبحت جذعة من المعز يجزيك في الأضحية، ولا يجزي أحدًا بعدك.
وإن كان أخص من السؤال، مثل: أن يسأل عن قتل النساء الكوافر؛ فيقول: اقتلوا المرتدات؛ فيجب قتل المرتدات باللفظ، وغير المرتدات من الحربيات لا يجوز قتلهن.
وأما إن كان أعم من السؤال، مثل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل: إنا نركب أرماثًا لنا في البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال: ((هو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته)) [18]؛ فسئل عن حال الضرورة، وأجاب بأنه طهور، ولم يخص حال الضرورة دون حال الاختيار؛ فيجب حمل الجواب على عمومه، ويكون الاعتبار بعموم اللفظ دون خصوص السبب[19].
الأمر السابع: يتكلَّم بعض الأصوليين عن حمل المطلق على المقيَّد في الجملة الاستفهاميَّة.
قال القرافي في نفائس الأصول عند قول الرازي (الخطاب الوارد في المطلق والمقيد إما أمر، أو نهي)، قال: «قلنا: أو خبر، أو استفهام، أو ترجٍّ، أو تمَنٍّ، أو إباحة، فإن جميع أقسام الكلام متصور فيها حمل المطلق على المقيد، فلا ينبغي أن يخصص بالأمر والنهي، فلو قال الله تعالى: أبحت لكم ميتتَينِ، أبحت لكم ميتة السمك، والجراد، حملنا المطلق على المقيد. أو قال القائل: ليت لي مالًا، ثم قال: ليت لي إبلًا، حملنا تمنِّيه أولًا على الإبل. أو قال عليه السلام: (آخر رجل يخرج من النار رجل من قريش)، ثم قال: (آخر رجل يخرج من النار رجل يقال له: هناد)، وحملنا المطلق على المقيد، وقلنا: ذلك الرجل القرشي هو هناد»[20].
الأمر الثامن: ذكر الأصوليون من شروط اعتبار المفهوم: وروده جوابًا على سؤالٍ؛ أي: لو فُرِضَ أنَّ سائلًا سأله -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل في الغنمِ السائمةِ زكاةٌ؟ فأجابه: في الغنم السائمةِ زكاةٌ، لم يكن له مفهومٌ؛ لأنَّ صفة السومِ في الجواب لمطابقةِ السؤال.
قال المرداوي: «فَإِن خرج جَوَابًا لسؤال فَلَا مَفْهُوم لَهُ...مثل أَن يسْأَل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: هَل فِي الْغنم السَّائِمَة زَكَاة؟ فَلَا يلْزم من جَوَاب السُّؤَال عَن إِحْدَى الصفتين أَن يكون الحكم على الضِّدِّ فِي الْأُخْرَى؛ لظُهُور فَائِدَة فِي الذِّكر غير الحكم بالضد» [21]. ولعل تلك الفائدة هي جواب السائل ومطابقته للسؤال.
الأمر التاسع: في مسالك العلَّة عند مسلك الإيماء والتنبيه، وفيه: أن يذكر الشارع مع الحكم شيئًا ما لو لم يعلل الحكم به، لكان ذكره لاغيًا، فيجب تعليل الحكم به صيانة لكلام الشارع عن اللغو.
يقول الطوفي عن مسلك الإيماء والتنبيه: «وهو ضربان: أحدهما: أن يسأل في الواقعة عن أمر ظاهر لا يخفى عن عاقل، ثم يذكر الحكم عقيبه، فيدل على أن ذلك الأمر المسئول عنه علة الحكم المذكور.
مثاله: لما سئل عن بيع الرطب بالتمر، قال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم. قال: فلا إذن، فهذا «استفهام تقريري»؛ أي: على جهة التقرير؛ لكونه ينقص إذا يبس... وليس هذا من باب الاستعلام؛ إذ من المعلوم لكل عاقل أن الرطب ينقص إذا يبس لزوال الرطوبة الموجبة لزيادته وثقله..» [22].
الأمر العاشر: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام في قوادح العلَّة عند حديثهم عن قادح الاستفسار، على خلاف بينهم هل هو قادح واعتراض أم لا.
قال المرداوي: «وَكَانَ الْإِسْنَوِيُّ يَقُول: فِي كَونه من الاعتراضات نظر؛ لِأَنَّهُ طَلِيعَة جنس الاعتراضات لَا بهَا؛ لِأَنَّهَا خدش كَلَام الْمُسْتَدلِّ، والاستفسار لَيْسَ فِيهِ خدش بل تعرف للمراد، ويتبين الْمَطْلُوب ليتوجه عَلَيْهِ السُّؤَال وَيقرب مِنْهُ حِكَايَة الْهِنْدِيِّ عَن بعض متأخِّري أهل الجدل: أَنه أنكر هَذَا السُّؤَال، وَهَذَا وَاضح؛ لِأَن غَايَته اسْتِفْهَام لَا اعْتِرَاض، وَهُوَ من الفسر، وَهُوَ لُغَة: طلب الْكَشْف والإظهار، وَمِنْه التَّفْسِير»[23].
الأمر الحادي عشر: يتكلَّم الأصوليُّون عن الاستفهام في مقام الاستدلال، وهذا كثير جدًّا، حيث يستدلُّون بحسن الاستفهام على تقرير المسألة، أو بقبحه على ردِّها.
كاستدلال من قال بأن الأمر يفيد التكرار، بقوله: «لو أفاد الأمر فعله مرة لم يحسن استفهام الآمر، فيقال له: أردت بأمرك فعل مرة أو أكثر؛ لأن الأمر قد دلَّ على المرة»، قال أبو الخطَّاب بعد ذكر الاستدلال السابق: «الجواب عنه: أنَّا نقول: ولو أفاد التكرار لما حسن أن يستفهم فيقول: أفعل ذلك دائمًا أم أفعله مرة، ولأنه إنما حسن طلبًا لتأكيد العلم أو الظن، أو لأن المأمور به عارضه شبهة يجوز لأجلها أن يراد به التكرار، فيسأل؛ ولأن اللفظ يحتمل أن يفسر به، ولهذا حسن الاستفهام»[24].
كما أنهم استدلوا بالاستفهام وجعلوه طريقًا للعموم كما سبق، وطريقًا لأي شيء يحصل فيه التردُّد.
يقول القاضي الباقلاني: «ويعرف كون اللفظ مشتركًا بطرق ثلاث هي:
1- يثبت بإحدى طرق إثبات كون المعنى حقيقيًّا على المعنيين أو المعاني كلها، كأن تكون جميع المعاني تبادرها للذهن على حد سواء.
2- بسماع أهل اللغة التصريح بالاشتراك في كتبهم اللغوية والمعاجم.
3- الاستدلال بحسن الاستفهام؛ لأن الاستفهام يحسن عند تردُّد الذهن بين معنيين»[25].
ومن وجوه الاستدلالات ما يذكره الأصوليون في مسألة ترك الاستفصال والسؤال مع احتمال كون الواقعة للعموم أو الخصوص.
ذكر السمعاني في قصة إسلام غيلان على عشر، أو خمس نسوة: « بأن احتمال المعرفة بكيفية وقوع العقد من غيلان وهو رجل من ثقيف وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجاته في نهاية البعد، ونحن إنما ندعي العموم في كل ما يظهر فيه استفهام الحال، ويظهر من الشارع إطلاق الجواب، فلا بد أن يكون الجواب مسترسلًا على الأحوال كلها.
قلت: ولا سيما والحال حال بيان بحدوث عهد غيلان بالإسلام....» [26].
[1] انظر: عروس الأفراح للبهاء السبكي (1/ 429)، والطراز للعلوي (3/ 159).
[2] دلائل الإعجاز (114).
[3] التفسير البلاغي للاستفهام (المقدمة).
[4] التحبير (4/ 1708-1709).
[5] الغيث الهامع (230).
[6] الإمام في بيان أدلة الأحكام (135).
[7] التلويح على التوضيح (297).
[8] الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (174-175) رسالة دكتوراه (آلة).
[9] تفسير الرازي (10/ 140).
[10] التحبير (5/ 2252).
[11] أخرجه البخاري (3190)، ومسلم (405).
[12] التحبير (5/ 2254).
[13] الورقات (16).
[14] التقريب والإرشاد (3/ 58).
[15] شرح الكوكب المنير (3/ 140).
[16] (6/ 2898)، وأصله في الفوائد السنية للبرماوي (3/ 997).
[17] أخرجه البخاري (1936)، ومسلم (1111).
[18] أخرجه أحمد (7233) وأبو داود (83) والترمذي (69) والنسائي (333) وابن ماجه (386). قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
[19] انظر العدة (2/ 605- 606).
[20] نفائس الأصول (5 / 2166).
[21] التحبير (6/ 2897).
[22] شرح مختصر الروضة (3/ 370).
[23] التحبير (7/ 3547).
[24] التمهيد لأبي الخطاب (1/ 199).
[25] التقريب والإرشاد (1/ 138).
[26] البحر المحيط (4/ 203).
فهذه مقالة عن الجملة الاستفهامية، وكيفية استنباط الأحكام منها، أجملها في الأمور الآتية:
الأمر الأول: يتكلَّم النحاة والبلاغيون عن الجملة الاستفهاميَّة، عن أدوات الاستفهام، وإعرابها، ووظائفها، ويمكن إجمال ما ذكروه في الآتي:
كل الكلمات التي تستعمل في الاستفهام أسماء ما عدا كلمتين، هما: هل والهمزة، فهما حرفان، وهذان الحرفان مبنيان لا محل لهما من الإعراب.
أما أسماء الاستفهام: (مَن)، و(ما)، و(كم)، و(أيان)، و(أين)، و(أنى)، و(ماذا)، و(أي)، و(كيف). وسيأتي أنَّ لها معانيَ تخصُّها، وتُستعمَل فيها.
وهذه الأسماء كلها مبنية أيضًا ما عدا كلمة واحدة وهي (أي)؛ لأنها تضاف إلى مفرد، فتقول: أيُّ رجلٍ جاء؟
وجملة الاستفهام جملة طلبية، فهي طلب الفهم كما يقولون، ومن ثَمَّ فإن للاستفهام وظيفتين[1]: طلب التصديق، وطلب التصور.
الوظيفة الأولى: التصديق، هو الذي يسأل عن الجملة التي بعد كلمة الاستفهام: أصادقة هي أم غير صادقة؛ ولذلك يُجاب عنها بـ (نعم) أو (لا). ويستعمل في هذه الجملة حرفان: الهمزة وهل.
الوظيفة الثانية: طلب التصور؛ أي: تصور «المستفهم عنه»، ولا تسأل هنا عن صدق الجملة المستفهم عنها.
وللدكتور عبدالعظيم المطعني- رحمه الله- بسط لوظائف الاستفهام، حيث ذكر أن للاستفهام دلالتين كسائر أساليب اللغة، فقال: «الأولى: دلالة وضعية، وهي طلب الفهم، يعني أن المستفهم يطلب فهم شيء يجهله من المخاطب بالاستفهام؛ كقول السائل: أين الطريق؟ وما اسمك؟ ومتى حضرت؟ وإلى أين تسير؟ إذا كان المستفهم يجهل الطريق، واسم المسئول، وزمن حضوره والجهة التي يقصدها.
الثانية: دلالة مجازية، وضابطها: أن يكون المستفهم ليس في حاجة إلى فهم شيء من المخاطب بالاستفهام؛ بل هو ينشئ معانيَ يقتضيها المقام قاصدًا إعلام المخاطب بها، لا أن يستعلم هو من المخاطب عن شيء، ومثاله قولك لمن تراه ينهر أباه: أتنهر أباك؟! تريد أن تنكر عليه نهره أباه وتوبِّخه على ذلك.... ومزايا أسلوب الاستفهام تكمن في هذه الدلالة المجازية؛ لكثرة ما فيها من الأغراض واللطائف، وهذا ما يسميه البلاغيون بـخروج الاستفهام عن معانيه الوضعية إلى معانٍ أخرى مجازية تُفهَم من السياق ومقامات الكلام.
وللاستفهام- بهذا الاعتبار- قسمان كبيران: الأول: الاستفهام التقريري، ويكون الاستفهام تقريريًّا إذا كان المستفهم عنه مثبتًا في المعنى، مثل قوله تعالى يخاطب الرسول الكريم: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، وقول فرعون لموسى - عليه السلام -: ﴿ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا ﴾ [الشعراء: 18]، وقولك لمن سبق منك إليه إحسان ومعروف: أأحسنت إليك؟
ومن ضوابط الاستفهام التقريري حلول (قد) محل أداة الاستفهام؛ أي: قد شرحنا لك صدرك، قد ربَّيناك فينا وليدًا، قد أحسنت إليك.
القسم الثاني: الاستفهام الإنكاري، ويكون الاستفهام إنكاريًّا في صورتين:
الأولى: أن يكون ما بعد أداة الاستفهام منفيًّا لا وجود له في الواقع.
ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿ أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً ﴾ [الزخرف: 45]؛ أي: لم نجعل ذلك قط، وقوله عز وجل في الرد على المشركين الذين زعموا أن الملائكة إناث: ﴿ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ﴾ [الزخرف: 19]؛ أي: لم يشهدوا خلق الله للملائكة حتى تكون شهادتهم سندًا لهم في دعواهم.
الثانية: أن يكون ما بعد أداة الاستفهام مثبتًا له وجود في الخارج؛ لكنه كان ينبغي ألَّا يكون أصلًا.
ومن أمثلته قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2]، فالقول الواقع بعد الاستفهام واقع وله وجود في الخارج؛ لكنه كان ينبغي ألا يكون؛ لأن القول إذا لم يُصدِّقه عمل مخلص لله كان مذمومًا، وقوله تعالى في توبيخ المشركين: ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 28]، هذان هما القسمان الكبيران للاستفهام الخارج عن دلالاته الوضعية إلى دلالات مجازية تُفهَم من السياق ومقامات الكلام.
ويتولَّد عن هذين المعنيين الكبيرين: التقرير والإنكار، معانٍ أخرى تناسب المقام، وتراها كثيرة الدوران على ألسنة المفسرين لكتاب الله العزيز، مثل: التوبيخ، التقريع، التكذيب، النفي، التنديم، التحسير، التيئيس، التشويق، التسلية، التعزية، التسرية، الأمر، التعجيز، النهي، الحث، التحضيض، الاستبعاد، الامتنان، التبهيج، الزجر، التنبيه على الخطأ... إلخ، وهذه المعاني صالحة للردف على كل من التقرير والإنكار، وفي بعض المواضع يتبع التقرير الإنكار، والإنكار يتبع التقرير، ولهذا شيوع في صور الاستفهام في القرآن الحكيم.
وفي هذا يقول الإمام عبدالقاهر معقبًا على أمثلة ذكرها: (واعلم أن الهمزة فيما ذكرنا تقرير بفعل قد كان، وإنكار له لم كان، وتوبيخ لفاعله عليه) [2]؛ ا.هـ[3].
قلت: وكثير من الأصوليين ينقلون ما سبق من وظائف عند حديثهم عن أنواع الكلام، وكون الاستفهام داخلًا في نوع الإنشاء. وأما المعاني المجازية للاستفهام فهي محلٌّ ومناطٌ كبيرٌ لاستنباط الأحكام الشرعيَّة التكليفية، وقد فصل في أنواعها العز بن عبدالسلام في كتابه الإمام في بيان أدلة الأحكام؛ إذ الإنكار وما يندرج معه من تكذيب وتوبيخ وتقريع دلالة على كون الفعل منهيًّا عنه، والتقرير وما يندرج تحته من تحضيض وامتنان دلالة على طلبه ومشروعيته. سواء توجه الإنكار للفاعل أو الفعل، حيث إنه لم يتوجه للفاعل إلَّا لأجل الفعل.
ومن المواطن التي أورد الأصوليون ما سبق من وظائف للاستفهام عند حديثهم عن أنواع الكلام، قال المرداوي: «قَوْله: "وَغير الْخَبَر إنْشَاء وتنبيه" قد علم أَن للْكَلَام أنواعًا فلا بُدَّ من بَيانها، والْفرق بَينها؛ ليحصل الاسْتِدْلال بها على المُراد، ولِلنَّاسِ فِي تقسيمه طرق، فَمِنْهمْ من يقسمهُ إلى: خبر، وإنشاء، وهذا هو الَّذي قدمنا؛ لأنه إن احْتمَل الصدْق والْكذب فَهُوَ الْخَبَر، وَإِلَّا فَهُوَ الإِنْشاء. وَذَلِكَ الإِنْشاء إِمَّا طلب أَو غَيره، وَهُوَ الْمَشْهُور باسم الإِنْشاء، والطلب إِمَّا أَمْر أَو نهي أَو اسْتِفْهام؛ نَحْو: قُمْ وَلَا تقعد، وَهل عنْدك أحد؟...»[4].
كما أن بعضهم يذكره عند الحديث عن حروف المعاني، حيث تكلموا عنها باعتبار ما يطلب بها؛ كقول أبي زرعة العراقي في الغيث الهامع: «(هل) حرف استفهام، ولا يستفهم بها عن التصوُّر، وهو العلم بالمفردات؛ أي: لا يسأل بها عن ماهية الشيء، وإنما يستفهم بها عن التصديق وهو النسبة؛ أي: إسناد شيء إلى شيء، ولا يستفهم بها عن النفي، فلا يقال: هل لم يقم زيد؟ وإنما يستفهم بها عن التصديق الإيجابي؛ كقولك: هل قام زيد؟ وقد ترك الشارح هذا فلم يذكره ولم يشرحه؟»[5].
الأمر الثاني: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام في مباحث الحكم الشرعي التكليفي؛ إذ يعدُّ من الأساليب الشرعيَّة الدالة على الحكم الشرعي، على ما سبق، حيث إنه يدلُّ على التحريم إن كان الاستفهام إنكاريًّا، أو توبيخيًّا، أو كان بمعنى النهي، ويدلُّ على الطلب- إيجابًا أو ندبًا- إن كان الاستفهام دالًّا على الحضِّ والترغيب، أو كان بمعنى الأمر.
يقول العز بن عبدالسلام: «التوبيخ والإنكار إن تعلَّقا بفعل دلَّا على النهي عنه، وإن تعلَّقا بتَرْك دلَّا على الأمر بالمتروك»[6].
ويقول التفتازاني تعليقًا على قوله تعالى: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾ [الأعراف: 12]: «... والاستفهام للتوبيخ والإنكار والاعتراض، وهو إنما يتوجه على تقدير كون الأمر للإيجاب ليستحق تاركه الذم»[7].
قال الدكتور علي المطرودي معقبًا على كلام التفتازاني: «فإذا كان إنكار التَرْك يدل على الوجوب، فإن إنكار الفعل يدل على التحريم؛ لأن الواجب ضده المحرم، وضد الترك الفعل.... كما أن الاستفهام الإنكاري لا يخلو من معنى التوبيخ واللوم والعتب، وقد قرَّر كثير من الأصوليين أن هذه الأمور لا تكون إلا في فعل مُحرَّم، أو تَرْك واجب»[8].
ووجه الاستنباط هنا ظاهر، فيُقال- مثلًا - دلَّ الاستفهام على الإنكار والتوبيخ، ولا يكون ذلك إلَّا على ترك واجب، أو فعل محرم؛ كالاستدلال على وجوب السجود لآدم، كما في الآية السالفة، أو وجوب الجهاد، من قوله: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ ﴾ [النساء: 75].
يقول الرازي: «اعلم أن المراد منه إنكاره تعالى لتركهم القتال، فصار ذلك توكيدًا لما تقدم من الأمر بالجهاد، وفيه مسائل: المسألة الأولى: قوله: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ ﴾ [النساء: 75] يدل على أن الجهاد واجب... »[9].
الأمر الثالث: يتكلَّم الأصوليون عن صوارف الأمر عن الوجوب، وهل يكون وروده بعد سؤال صارفًا من الصوارف؟
قال المرداوي: «قَالَ فِي الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة: إِذا فرعنا على أَن الْأَمر الْمُجَرَّد للْوُجُوب فَوجدَ أَمر بعد اسْتِئْذَان، فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوب بل الْإِبَاحَة، ذكره القَاضِي مَحل وفَاق، قلت: وَكَذَا ابْن عقيل، ثمَّ قَالَ: وَإِطْلَاق جمَاعَة: ظَاهره يَقْتَضِي الْوُجُوب، مِنْهُم: الرَّازِيّ فِي الْمَحْصُول، فَإِنَّهُ جعل الْأَمر بعد الْحَظْر والاستئذان، الحكم فيهمَا وَاحِد، وَاخْتَارَ أَن الْأَمر بعد الْحَظْر للْوُجُوب، فَكَذَا بعد الاسْتِئْذَان عِنْده. انْتهى»[10]، ثمَّ ذكر الخلاف المترتب على القول بذلك على الفروع، ثمَّ قال: «وَفِي الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة: الْأَمر بماهية مَخْصُوصَة بعد سُؤال تَعْلِيم؛ كالأمر بعد الاسْتِئْذَان فِي الْأَحْكَام وَالْمعْنَى، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَقِيم اسْتِدْلَال الْأَصْحَاب على وجوب الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فِي التَّشَهُّد الْأَخير بِمَا ثَبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أَنه قيل لَهُ: يَا رَسُول الله، قد علمنا كَيْفَ نسلم عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: (قُولُوا: اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد...) الحَدِيث [11]....إلخ»[12].
الأمر الرابع: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام عند ذكرهم لصيغ العموم، ومنها أسماء الاستفهام.
قال الجويني: «وألفاظه أربعة:... والأسماء المبهمة، كـ (من) فيمن يعقل، و(ما) فيما لا يعقل، و(أي) في الجمع، و(أين) في المكان، و(متى) في الزمان، و(ما) في الاستفهام والجزاء وغيره»[13].
وتسميتها بالمبهمة؛ لأن «الاستفهام إنما يحسن مع إطلاق المحتمل من الألفاظ العاري، مما يدل على اللفظ إلى بعض محتملاته، وهذه قضية الاستفهام عن المراد بسائر الألفاظ المدعاة للعموم»، قاله القاضي الباقلاني[14].
ووجه الاستنباط من صيغ العموم ظاهر، يحتاج فقط لدخول المحكوم عليه تحت لفظ العموم حتى يأخذ حكمه.
الأمر الخامس: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام كذلك في صيغ العموم، حيث يعدون النكرة في سياق الاستفهام الإنكاري تفيد العموم، وبيَّنوا وجه كونها من صيغ العموم.
قال ابن النجار الفتوحي: «وَكَذَا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ اسْتِفْهَامٍ إنْكَارِيٍّ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ فِي بَابِ مُسَوِّغَاتِ الابْتِدَاءِ وَصَاحِبِ الْحَالِ، وَفِي بَابِ الاسْتِثْنَاءِ، وَفِي الْوَصْفِ الْمُبْتَدَأ الْمُسْتَغْنَى بِمَرْفُوعِهِ عَنْ خَبَرِهِ عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُ النَّفْيَ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ الاسْتِفْهَامُ؛ نَحْوَ: هَلْ قَامَ زَيْدٌ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴾ [مريم: 98] ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، فَإِنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لأَنَّ الإِنْكَارَ هُوَ حَقِيقَةُ النَّفْيِ»[15].
تنبيه ذكره المرداوي فقال: «تَنْبِيه: هُنَا سُؤال، وَهُوَ أَنه: لم جعلُوا هُنَا السُّؤَال والحادثة قرينَة صارفة عَن القَوْل بضد الحكم فِي الْمَسْكُوت، وَلم يجْعَلُوا ذَلِك فِي وُرُود الْعَام على سُؤال أَو حَادِثَة صارفًا لَهُ عَن عُمُومه على الْأَرْجَح، بل لم يجروا هُنَا مَا أجروه هُنَاكَ من الْخلاف فِي أَن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ، أَو بِخُصُوص السَّبَب وَإِن كَانَ حكى عَن القَاضِي أبي يعلى فِيهِ احْتِمَالَيْنِ.
وَقد يُجَاب بِأَن الْمَفْهُوم لما ضعف عَن الْمَنْطُوق فِي الدِّلَالَة انْدفع بذلك، وَنَحْوه، وَقُوَّة اللَّفْظ فِي الْعَام بِخِلَاف ذَلِك حَتَّى إِن الْحَنَفِيَّة ادَّعوا أَن دلَالَة الْعَام على كل فَرد من أَفْرَاده قَطْعِيَّة، كَمَا تقدم فَلم ينْدَفع بذلك على الطَّرِيقَة الراجحة»[16].
الأمر السادس: يذكر الأصوليون مسألة ورود الخطاب من صاحب الشرع بناءً على سؤال سائل، ويفصلون الحكم فيها، وملخصه: إن الخطاب والجواب الوارد من الشرع قد لا يكون مستقلًّا بنفسه، وقد يكون مستقلًّا بنفسه، وإن كان مستقلًّا بنفسه، فقد يكون مطابقًا للسؤال، وقد يكون أعَمَّ، وقد يكون أخصَّ.
ففي الأول يكون الجواب مقصورًا على السؤال ومضمومًا إليه، ويمثلون له: بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأبي بردة بن نيار: ((يجزيك ولا يجزي أحدًا بعدك)) [17]؛ فهذا خرج على قول أبي بردة: لا أجد إلا جذعة من المعز، فيكون تقديره: إذا ذبحت جذعة من المعز يجزيك في الأضحية، ولا يجزي أحدًا بعدك.
وإن كان أخص من السؤال، مثل: أن يسأل عن قتل النساء الكوافر؛ فيقول: اقتلوا المرتدات؛ فيجب قتل المرتدات باللفظ، وغير المرتدات من الحربيات لا يجوز قتلهن.
وأما إن كان أعم من السؤال، مثل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل: إنا نركب أرماثًا لنا في البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال: ((هو الطهور ماؤه، الحِلُّ ميتته)) [18]؛ فسئل عن حال الضرورة، وأجاب بأنه طهور، ولم يخص حال الضرورة دون حال الاختيار؛ فيجب حمل الجواب على عمومه، ويكون الاعتبار بعموم اللفظ دون خصوص السبب[19].
الأمر السابع: يتكلَّم بعض الأصوليين عن حمل المطلق على المقيَّد في الجملة الاستفهاميَّة.
قال القرافي في نفائس الأصول عند قول الرازي (الخطاب الوارد في المطلق والمقيد إما أمر، أو نهي)، قال: «قلنا: أو خبر، أو استفهام، أو ترجٍّ، أو تمَنٍّ، أو إباحة، فإن جميع أقسام الكلام متصور فيها حمل المطلق على المقيد، فلا ينبغي أن يخصص بالأمر والنهي، فلو قال الله تعالى: أبحت لكم ميتتَينِ، أبحت لكم ميتة السمك، والجراد، حملنا المطلق على المقيد. أو قال القائل: ليت لي مالًا، ثم قال: ليت لي إبلًا، حملنا تمنِّيه أولًا على الإبل. أو قال عليه السلام: (آخر رجل يخرج من النار رجل من قريش)، ثم قال: (آخر رجل يخرج من النار رجل يقال له: هناد)، وحملنا المطلق على المقيد، وقلنا: ذلك الرجل القرشي هو هناد»[20].
الأمر الثامن: ذكر الأصوليون من شروط اعتبار المفهوم: وروده جوابًا على سؤالٍ؛ أي: لو فُرِضَ أنَّ سائلًا سأله -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل في الغنمِ السائمةِ زكاةٌ؟ فأجابه: في الغنم السائمةِ زكاةٌ، لم يكن له مفهومٌ؛ لأنَّ صفة السومِ في الجواب لمطابقةِ السؤال.
قال المرداوي: «فَإِن خرج جَوَابًا لسؤال فَلَا مَفْهُوم لَهُ...مثل أَن يسْأَل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: هَل فِي الْغنم السَّائِمَة زَكَاة؟ فَلَا يلْزم من جَوَاب السُّؤَال عَن إِحْدَى الصفتين أَن يكون الحكم على الضِّدِّ فِي الْأُخْرَى؛ لظُهُور فَائِدَة فِي الذِّكر غير الحكم بالضد» [21]. ولعل تلك الفائدة هي جواب السائل ومطابقته للسؤال.
الأمر التاسع: في مسالك العلَّة عند مسلك الإيماء والتنبيه، وفيه: أن يذكر الشارع مع الحكم شيئًا ما لو لم يعلل الحكم به، لكان ذكره لاغيًا، فيجب تعليل الحكم به صيانة لكلام الشارع عن اللغو.
يقول الطوفي عن مسلك الإيماء والتنبيه: «وهو ضربان: أحدهما: أن يسأل في الواقعة عن أمر ظاهر لا يخفى عن عاقل، ثم يذكر الحكم عقيبه، فيدل على أن ذلك الأمر المسئول عنه علة الحكم المذكور.
مثاله: لما سئل عن بيع الرطب بالتمر، قال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم. قال: فلا إذن، فهذا «استفهام تقريري»؛ أي: على جهة التقرير؛ لكونه ينقص إذا يبس... وليس هذا من باب الاستعلام؛ إذ من المعلوم لكل عاقل أن الرطب ينقص إذا يبس لزوال الرطوبة الموجبة لزيادته وثقله..» [22].
الأمر العاشر: يتكلَّم الأصوليون عن الاستفهام في قوادح العلَّة عند حديثهم عن قادح الاستفسار، على خلاف بينهم هل هو قادح واعتراض أم لا.
قال المرداوي: «وَكَانَ الْإِسْنَوِيُّ يَقُول: فِي كَونه من الاعتراضات نظر؛ لِأَنَّهُ طَلِيعَة جنس الاعتراضات لَا بهَا؛ لِأَنَّهَا خدش كَلَام الْمُسْتَدلِّ، والاستفسار لَيْسَ فِيهِ خدش بل تعرف للمراد، ويتبين الْمَطْلُوب ليتوجه عَلَيْهِ السُّؤَال وَيقرب مِنْهُ حِكَايَة الْهِنْدِيِّ عَن بعض متأخِّري أهل الجدل: أَنه أنكر هَذَا السُّؤَال، وَهَذَا وَاضح؛ لِأَن غَايَته اسْتِفْهَام لَا اعْتِرَاض، وَهُوَ من الفسر، وَهُوَ لُغَة: طلب الْكَشْف والإظهار، وَمِنْه التَّفْسِير»[23].
الأمر الحادي عشر: يتكلَّم الأصوليُّون عن الاستفهام في مقام الاستدلال، وهذا كثير جدًّا، حيث يستدلُّون بحسن الاستفهام على تقرير المسألة، أو بقبحه على ردِّها.
كاستدلال من قال بأن الأمر يفيد التكرار، بقوله: «لو أفاد الأمر فعله مرة لم يحسن استفهام الآمر، فيقال له: أردت بأمرك فعل مرة أو أكثر؛ لأن الأمر قد دلَّ على المرة»، قال أبو الخطَّاب بعد ذكر الاستدلال السابق: «الجواب عنه: أنَّا نقول: ولو أفاد التكرار لما حسن أن يستفهم فيقول: أفعل ذلك دائمًا أم أفعله مرة، ولأنه إنما حسن طلبًا لتأكيد العلم أو الظن، أو لأن المأمور به عارضه شبهة يجوز لأجلها أن يراد به التكرار، فيسأل؛ ولأن اللفظ يحتمل أن يفسر به، ولهذا حسن الاستفهام»[24].
كما أنهم استدلوا بالاستفهام وجعلوه طريقًا للعموم كما سبق، وطريقًا لأي شيء يحصل فيه التردُّد.
يقول القاضي الباقلاني: «ويعرف كون اللفظ مشتركًا بطرق ثلاث هي:
1- يثبت بإحدى طرق إثبات كون المعنى حقيقيًّا على المعنيين أو المعاني كلها، كأن تكون جميع المعاني تبادرها للذهن على حد سواء.
2- بسماع أهل اللغة التصريح بالاشتراك في كتبهم اللغوية والمعاجم.
3- الاستدلال بحسن الاستفهام؛ لأن الاستفهام يحسن عند تردُّد الذهن بين معنيين»[25].
ومن وجوه الاستدلالات ما يذكره الأصوليون في مسألة ترك الاستفصال والسؤال مع احتمال كون الواقعة للعموم أو الخصوص.
ذكر السمعاني في قصة إسلام غيلان على عشر، أو خمس نسوة: « بأن احتمال المعرفة بكيفية وقوع العقد من غيلان وهو رجل من ثقيف وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجاته في نهاية البعد، ونحن إنما ندعي العموم في كل ما يظهر فيه استفهام الحال، ويظهر من الشارع إطلاق الجواب، فلا بد أن يكون الجواب مسترسلًا على الأحوال كلها.
قلت: ولا سيما والحال حال بيان بحدوث عهد غيلان بالإسلام....» [26].
[1] انظر: عروس الأفراح للبهاء السبكي (1/ 429)، والطراز للعلوي (3/ 159).
[2] دلائل الإعجاز (114).
[3] التفسير البلاغي للاستفهام (المقدمة).
[4] التحبير (4/ 1708-1709).
[5] الغيث الهامع (230).
[6] الإمام في بيان أدلة الأحكام (135).
[7] التلويح على التوضيح (297).
[8] الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (174-175) رسالة دكتوراه (آلة).
[9] تفسير الرازي (10/ 140).
[10] التحبير (5/ 2252).
[11] أخرجه البخاري (3190)، ومسلم (405).
[12] التحبير (5/ 2254).
[13] الورقات (16).
[14] التقريب والإرشاد (3/ 58).
[15] شرح الكوكب المنير (3/ 140).
[16] (6/ 2898)، وأصله في الفوائد السنية للبرماوي (3/ 997).
[17] أخرجه البخاري (1936)، ومسلم (1111).
[18] أخرجه أحمد (7233) وأبو داود (83) والترمذي (69) والنسائي (333) وابن ماجه (386). قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
[19] انظر العدة (2/ 605- 606).
[20] نفائس الأصول (5 / 2166).
[21] التحبير (6/ 2897).
[22] شرح مختصر الروضة (3/ 370).
[23] التحبير (7/ 3547).
[24] التمهيد لأبي الخطاب (1/ 199).
[25] التقريب والإرشاد (1/ 138).
[26] البحر المحيط (4/ 203).