احصائية الزوار

الاحصائيات
لهذا اليوم : 11
بالامس : 24
لهذا الأسبوع : 369
لهذا الشهر : 1356
لهذه السنة : 15809

المتواجدين الآن

يتصفح الموقع حالياً  3
تفاصيل المتواجدين

المدخل إلى علم تخريج الفروع على الأصول

المقال

المدخل إلى علم تخريج الفروع على الأصول

179 | 11-08-2024


أ.د. عبدالرحمن بن علي الحطاب
عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية



الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد كثر تداول مصطلح تخريج الفروع على الأصول هذا العصر في الأوساط العلميَّة، لا سيما في الجامعات بين أساتذتها في أبحاثهم المحكَّمة، وطلابها في مشاريعهم البحثيَّة، بل وأصبح عنواناً لمقررات في المرحلة الجامعيَّة والدراسات العليَّا.



وقد وقع شيءٌ من الاختلاف في مفهوم هذا المصطلح مع شبه اتفاق على صورته التطبيقيَّة، وذلك بأن يؤتى بالقاعدة الأصوليَّة ثمَّ تذكر بعض الفروع المندرجة تحتها، على نفس طريقة كتب القواعد الفقهيَّة، وسواء كانت الفروع من منصوصات الإمام أو من تخريجات الأصحاب.



وسبب الخلاف في مفهوم هذا المصطلح من حيث التأصيل عند المعاصرين هو ملاحظتهم للمصطلح من خلال ما أسموها بكتب تخريج الفروع على الأصول، بل انطلق البعض في تأصيله من خلالها، والجميع حاكم هذا المصطلح بصنيع أصحاب هذه الكتب.



وهذا العمل منطلق بحثي ظني في تأصيل المصطلح؛ إذ كان الأولى إثبات كونها كتب تخريج، ثمَّ ينظر مدى حاجتنا إلى تحقيق المصطلح من خلال النظر فيها.



وهذه ورقات أحاول فيها بيان حقيقة علم تخريج الفروع على الأصول، وبيان مبادئه العشرة، راجياً من الله أن تكون مدخلاً سليماً لهذا العلم؛ لذا اسميتها: (المدخل إلى علم تخريج الفروع على الأصول).


وهنا وقفة قصيرة، حول الخلاف في كون التخريج علماً، أو فنَّاً.



فأقول: يرى البعض الترادف بين العلم والفن، أو صحة إطلاق أحدهما على الآخر.
قال الصبان - كما سيأتي -:

إن مبادي كل ف عشرة[1]


وقال المقري:

من رام فنَّاً فليقدم أولا *** علماً بحد ثمَّ موضوعا تلا... إلخ [2]


وسماها العلماء مبادئ العلوم، وعليه فيقال: علم التخريج، أو فن التخريج



ومن خالف بين العلم والفنِّ قال: بأن الفنَّ - كما في المحيط - هو التطبيق العملي للنظريات العلمية بالوسائل التي تحققها[3].



والتخريج يمثل الجانب التطبيقي لعلم أصول الفقه فهو فنٌ، والخلاف لا طائل تحته.



وتلك المبادئ هي كما قال محمد الصبَّان في حاشيته على الأشموني:
إِنَّ مَبادِي كُلِّ فَنٍّ عَشَرَه
الحَدُّ وَالموضُوعُ ثُمَّ الثَّمَرَه
وَنِسْبَةٌ وَفَضْلُهُ وَالوَاضِع
وَالاِسْمُ الِاسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ
مَسَائِلٌ والبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى
وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَا



ومبادئ علم تخريج الفروع على الأصول هي:

المبدأ الأول: حدُّه، وتعريفه:

قبل البدء في حده وتعريفه المقترح أقف مع القارئ الوقفات التأصيلية التالية:

الوقفة الأولى: هل لتخريج الفروع على الأصول مصنفات يمكن التحاكم إليها، أو والوقوف على حقيقته من خلالها؟



أقول وبالله التوفيق: إنَّ حديث المؤصلين لهذا المصطلح في الغالب منطلق من مصنفات وكتب أسموها بكتب تخريج الفروع على الأصول، وتلك الكتب هي:

تأسيس النظر للدَّبوسي الحنفي، وتخريج الفروع على الأصول للزنجاني الشافعي، ومفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول للتلمساني المالكي، والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول للإسنوي الشافعي، والقواعد لابن اللحام الحنبلي، والوصول إلى قواعد الأصول للتمرتاشي الحنفي.



وكونها جميعاً كتب تخريج محل نظر، وبيان ذلك:

أولاً: غالب أصحابها لم يسم كتابه بالتخريج، كما هو ظاهر عناوينها، فإدراجها ضمن كتب التخريج محل نظر ظاهر.



ثمَّ إن الكتابين الأخيرين – قواعد ابن اللحام، والتمرتاشي – قد تابعا في مؤلفيهما الإسنوي في تمهيده، ولم يسميا كتابيهما بالتخريج، ولك أن تتساءل لم عدلوا عن مصطلح التخريج؟



والجواب – والعلم عند الله -: هو أن الإسنوي التزم بأن تكون فروعه من أقوال الأصحاب دون منصوصات الإمام، وهم لم يلتزموا بذلك، وهذا فرق جوهري في مفهوم مصطلح التخريج كما سيأتي.



وما قيل في هذين الكتابين يقال في كتابي تأسيس النظر للدبوسي، ومفتاح الوصول للتلمساني تماماً ومن الجانبين، من حيث التسمية، والفروع المندرجة.



ثانياً: يبقى كتابا الزنجاني والإسنوي، وكلاهما قد نصَّا على مصطلح تخريج الفروع على الأصول، ويمكن النظر في صنيعهما، وهل يمثلان الجانب التطبيقي الصحيح لمصطلح تخريج الفروع على الأصول، أو أحدهما دون الآخر؟

ولعل في الوقفات التالية ما يساعدنا على جواب هذا السؤال.



الوقفة الثانية: التخريج عملية استنباطيَّة، ولا حاجة إلى سرد المعاني اللغوية، والتي قد تحمل معاني أعم وأشمل من المصطلح المقصود، ويكون سبباً في التكلف في بيان وجه نقلها من اللغة واستعمالها في المصطلح، وربما تسبب ذلك في إدخال غير المقصود في المقصود.

وكونه عملية استنباطية يؤخذ من صريح عبارات من أصَّل هذا العلم، واصطلح عليه.



قال ابن الصلاح عند حديثه عن شروط مجتهد المذهب – المخرِّج – وعمله، وأنه يجب أن يكون: "تام الارتياض في التخريج والاستنباط.... ويتخذ أصول نصوص إمامه أصولاً يستنبط منها، نحو ما يفعله المستقل بنصوص الشارع "[4].

وما يفعله المجتهد المستقل في نصوص الشارع هو استنباط الأحكام منها.



ومثل كلام ابن الصلاح قول النووي، وعبارته: ".. ثمَّ يتخذ نصوص إمامه أصولاً يستنبط منها كفعل المستقل بنصوص الشارع "[5].



وتوارد عند متأخري الشافعية - عند حديثهم عن شروط الاجتهاد في القضاء والفتوى – قولهم: "فإن قدر على الترجيح دون الاستنباط فهو مجتهد الفتوى، وإن قدر على الاستنباط من قواعد إمامه وضوابطه فهو مجتهد المذهب، أو على الاستنباط من الكتاب والسنة فهو المجتهد المطلق "[6].



وفي إعانة الطالبين: "...مجتهد المذهب، وهو من يستنبط الأحكام من قواعد إمامه"[7].

والنصوص في هذا كثيرة، ولعل ما ذكر يكون كافياً.



الوقفة الثالثة: يشترط في التخريج أن تكون الفروع المخرَّجة من عمل الأصحاب، وهي التي تسمى عندهم بالأوجه، لا من منصوصات الإمام.



قال النووي: والأوجه لأصحابه المنتسبين إلى مذهبه، يُخرِّجونها على أصوله، ويستنبطونها من قواعده، ويجتهدون في بعضها، وإن لم يأخذوه من أصله "[8].



ويجب أن يعلم أنه يشترط في تخريجات الأصحاب عدم وجود نصّ للإمام في المسألة، وهذا أمر مشهور مقطوع به عند المؤصلين للتخريج قديماً، والنصوص فيه كثيرة.



ومن ذلك قول أبي بكر القفال المروزي: ".. وإن لم يكن المسألة منصوصة فله أن يجتهد فيها على مذهبه، ويخرجها على أصول صاحبه.." [9].



كما أنه مما يجب أن يعلم أن تخريج الفروع على الأصول مرحلة متأخرة، وذلك عند عدم وجود نص للإمام يمكن تخريج النازلة عليها، وهو ما يسمى بتخريج الفروع على الفروع، وقد نصُّوا على ذلك أيضاً بنصوص كثيرة.



قال ابن الصلاح: "تخريجه تارة يكون من نص معين لإمامه في مسألة معينة، وتارة لا يجد لإمامه نصًّا معينًا يخرج منه فيخرج على وفق أصوله "[10].



الوقفة الرابعة: يشترط في التخريج أن تكون الأصول المخرَّج عليها أصول إمام معيَّن، وهذا معلوم مما سبق، ويقصد بالأصول هنا أصول الفقه، وهي الأصول التي أسس الإمام مذهبه عليها.


وكونها مقصورة على أصول الفقه دون القواعد، قد يكون محلَّ دراسة ونظر، وإنَّما قصرتها على ذلك لأمرين:

الأول: لأنهم فرَّقوا بين قواعد الإمام وأصوله، فعطفوا الأصول على القواعد، والعطف يقتضي المغايرة.

والمقصود بقواعد الإمام: قواعد الفقه وضوابطه.

ومثل الطوفي لها: بقاعدة الخلاف في التيمم بكونه رافعاً للحدث[11]، وهي من قواعد التيمم، والتي يتخرج عليها مسائل.



وقال في مسألة أخرى، وقاعدة أخرى من قواعد التيمم:" وقولنا: إذا وجد المتيمم الماء في الصلاة خرج فتطهر وابتدأها، ويتخرَّج أن يتطهر ويبنى على من سبقه الحدث في الصلاة، هل يستأنف أو يبني؟ [12].


الثاني: كونه ظاهر صنيع الإسنوي في التمهيد، ونصِّ كلامه، حيث ذكر بعد أن ألف كتاباً في أصول الفقه، فقال: "ثمَّ إني استخرت الله تعالى في تأليف كتاب يشتمل على غالب مسائله، وعلى المقصود منه، وهو كيفية استخراج الفروع منها، فأذكر أولا: المسألة الأصولية بجميع أطرافها منقحة مهذبة ملخصة"[13].



الوقفة الخامسة: لا بد أن يكون القائم بعملية التخريج – الاستنباط – مجتهد المذهب، أصحاب الوجوه، أو المجتهد المطلق المنتسب حال كونه ملتزماً بقواعد المذهب، على خلاف في اعتبار قول الأخير – المطلق المنتسب – وجهاً حال انفراده بالاختيار.



قال الإسنوي في المهمات في ترجمة المزني: "وذكر الرافعي في كتاب الخلع في الكلام على اختلاع الوكيل، أن بعض المعلقين نقل عن الإمام أنه قال: أرى كل اختيار للمزني تخريجاً، فإنه لا يخالف أصول الشافعي، لا كأبي يوسف ومحمد، فإنهما يخالفان أصول صاحبهما كثيراً، هذا كلامه، لكن نقل الرافعي أيضاً في باب الأحداث عن الإمام ما يخالفه، فقال: إنه خرَّج – يعني المزني - فتخريجه أولى من تخريج غيره، وإلا فالرجل صاحب مذهب مستقل"([14]) انتهى.



وقال النووي في المجموع: "وقد قال إمام الحرمين في باب ما ينقض الوضوء في النهاية: إذا انفرد المزني برأي فهو صاحب مذهب، وإذا خرَّج للشافعي قولاً فتخريجه أولى من تخريج غيره، وهو ملتحق بالمذهب لا محالة "، ثمَّ عقبه بقوله: "وهذا الذي قاله الإمام حسن لا شك أنه متعين"([15]).



ومعلوم أن منزلة المزني وأبي يوسف ومحمد – رحمهم الله – لا تقل عن طبقة المجتهد المطلق المنتسب، وهؤلاء يخالفون إمام المذهب في الحكم والدليل، بل جعلهم البعض مجتهدين مطلقين غير منتسبين، ومن ثمَّ اختياراتهم التي خالفوا فيها الأصحاب هل تعدُّ أوجهاً في المذهب؟، بيَّن الإمام الجويني هنا اعتبار اختيارات المزني تخريجاً، وعلل ذلك بكونه لا يخالف أصول إمامه.



وأما كون القائم بالتخريج هو مجتهد المذهب كذلك منصوص عليه، ومن ذلك قول ابن النقيب: "والأوجه هي ما خرَّجه من هو أهلٌ للتخريج من الأصحاب، على قواعده حيث لم يجد نصَّاً في عين المسألة "[16].

أي: لم يجد نصَّاً للإمام في تلك المسألة.



قال ابن الهمام: "والحاصل أن يكون له ملكة الاقتدار على استنباط أحكام الفروع المتجددة التي لا نقل فيها عن صاحب المذهب من الأصول التي مهدها صاحب المذهب، وهو المسمى بالمجتهد في المذهب جاز" [17]، أي جاز له الافتاء تخريجاً على أصول الإمام.



ويشترط في مجتهدي المذهب – أهل التخريج – شروط نصَّ عليها العلماء.

قال ابن الصلاح في صفته: "أن يكون في مذهب إمامه مجتهداً مقيَّداً، فيستقل بتقرير مذهبه بالدليل غير أنه لا يتجاوز في أدلته أصول إمامه وقواعده، ومن شأنه أن يكون عالماً بالفقه خبيراً بأصول الفقه، عارفاً بأدلة الأحكام تفصيلاً، بصيراً بمسالك الأقيسة والمعاني، تام الارتياض في التخريج والاستنباط، قيِّماً بإلحاق ما ليس بمنصوص عليه في مذهب إمامه بأصول مذهبه وقواعده"[18].



وخلاصة ما سبق يشترط أن يكون متبحراً في الفقه وأصوله، مع الُدربة في الاستنباط، وكان من ضمن أسماء أصحاب هذه الطبقة: طبقة المتبحرين، وبسبب هذه الشروط ادعى بعض العلماء انقراض أصحاب هذه الطبقة.



قال ابن حجر الهيتمي في فتاويه: ".. والمتبحر في الفقه هو الذي أحاط بأصول إمامه في كل باب من أبواب الفقه، بحيث يمكنه أن يقيس ما لم ينص إمامه عليه على ما نص عليه، وهذه مرتبة جليلة لا توجد الآن؛ لأنها مرتبة أصحاب الوجوه، وقد انقطعت منذ أربعمائة سنة"[19].



وقد اشترط أبو بكر القفال المروزي - إمام المراوزة وشيخهم - معرفتهم لمذهب إمامهم، وأن يصيروا حاذقين فيه بحيث لا يشذ عنهم شيء من أصول مذهبهم ومنصوصاته، ولذا قال إن أصحاب هذه الطبقة أعز من الكبريت الأحمر.



قال ابن الرفعة معلقاً على كلامه: "فإذا كان هذا قول القفال في ذلك الزمن، وفيه تلامذته المشهورون بصحبته، أصحاب الوجوه في المذهب،كالقاضي الحسين، والفوراني، والشيخ أبي محمد والد الإمام، والصيدلاني، والشيخ أبي علي السنجي، المسمون بالمراوزة، لاشتغالهم عليه، وبالخراسانيين؛ لمقامهم بخراسان، وفيه – أيضاً – تلامذة الشيخ أبي حامد الإسفراييني بالعراق، كالمحاملي، والبندنيجي، وأقضى القضاة الماوردي، والقاضي أبي الطيب، والطبري، وغيرهم فما ظنك بهذا الزمن وقد عدم"[20].



ولما ذكر ابن الصلاح في فتاويه أن لإمام الجويني والغزالي من أصحاب الوجوه – على جلالة قدرهما في العلم – اعترض ابن الرفعة على هذا، وأنهما لم يبلغا هذه الطبقة[21].



نعم نُوزع ابن الرفعة في ذلك[22]، لكن المقصود – هنا – بيان كون التخريج أمره جلَلٌ، لا يقوم به إلا من كان أهلاً له، ولا وجود له اليوم.



ومما سبق أرى أن مصطلح تخريج الفروع على الأصول هو: استنباط مجتهد المذهب أحكام الوقائع التي لم ينص عليها إمامه من أصول إمامه.


وعوداً إلى السؤال السابق، المتعلق بكتابي الزنجاني والإسنوي، وبيان أيهما يمثل الجانب التطبيقي الصحيح للتخريج، فإنني أرى كتاب التمهيد للإسنوي هو الكتاب الوحيد الذي يمثل هذا الجانب - والعلم عند الله – وذلك لأن التخريج – كما سبق – يقوم على الأركان التالية:

1- أن يكون التخريج على أصول إمام معيَّن.

2- أن تكون الفروع المخرَّجة من استنباطات الأصحاب – أوجه – لا من منصوصات الإمام.

3- أن يكون المخرِّج من مجتهدي المذهب.



وبالنظر في الأمور السابقة نجدها مقصودة عند الإسنوي في تمهيده، وبيان ذلك:

أما الأصول فقصرها على أصول إمامه الشافعي، حيث قال بعد أن ذكر أنه ألف كتاباً مختصراً في أصول الفقه - قاصداً نهاية السول - قال "ثم إني استخرت الله تعالى في تأليف كتاب يشتمل على غالب مسائله وعلى المقصود منه وهو كيفية استخراج الفروع منها، فأذكر أولاً المسألة الأصولية بجميع أطرافها منقحة مهذبة ملخصة، ثم اتبعها بذكر شيء مما يتفرع عليها ليكون ذلك تنبيها على ما لم أذكره، والذي أذكره على أقسام..." [23].



ثم ذكر القسم الثالث – وهو محل التخريج ابتداء منه – ونصَّ على كون الأصول مقصورة على قاعدتهم، أي الشافعية، فقال: "ومنه ما لم أقف فيه على نقل بالكلية فأذكر فيه ما تقتضيه قاعدتنا الأصولية، ملاحظاً أيضاً للقاعدة المذهبية، والنظائر الفروعية"[24].



والناظر في كتاب التمهيد يلحظ ذلك جلياً، فلا يكاد يخرج عن أصول إمامه إلا فيما لابد منه، كأن تكون قواعد المذهب فيها من الاستثناء ما يحتاج إلى التفريق بينه وبين أصول غيرهم، كما فعل في التفريق بين الفساد والبطلان.



ونصَّ في الفروع بأنها من قول الأصحاب، فقال: ثم اتبعها بذكر شيء مما يتفرع عليها ليكون ذلك تنبيهاً على ما لم أذكره، والذي أذكره على أقسام:
فمنه: ما يكون جواب أصحابنا فيه موافقاً للقاعدة.


ومنه: ما يكون مخالفاً لها.


ومنه: ما لم أقف فيه على نقل بالكلية، فأذكر فيه ما تقتضيه قاعدتنا الأصولية ملاحظاً أيضاً للقاعدة المذهبية، والنظائر الفروعية، وحينئذ يعرف الناظر في ذلك مأخذ ما نص عليه أصحابنا وأصلوه وأجملوه أو فصلوه ويتنبه به على استخراج ما أهملوه "[25].



فنصُّه صريح بأنه يتعامل مع تخريجات الأصحاب، إن وجدها، وإلا قام هو بالتخريج.



والأخير يدلُ على أن الإسنوي يرى كونه أهلاً للتخريج، وهذه إشارة منه من حيث العمل والتطبيق، وقد ألمح إلى توفر شروط الاجتهاد المذهبي فيه، لتبحره وتمكنه من علمي الأصول والفروع.



وسبق النقل عن أبي بكر القفال المروزي القول باشتراط إلمام المخرِّج بهذين العلمين بحيث لا يشذ عنه شيء.



والإسنوي أشار إلى الجانب الأصولي في مقدمة كتابه التمهيد، حيث قال: "وكنت قديماً قد اعتنيت بهذا العلم، وراجعت غالب مصنفاته المبسوطة والمتوسطة والمختصرة، من زمن إمامنا المبتكر له وإلى زماننا، حتى صنفت فيه - بحمد الله تعالى - ما اجتمع فيه من قواعد هذا العلم ومسائله ومقاصده ومذاهب أئمته، ما أظن أنه لم يجتمع في غيره، مع صغر حجمه بالنسبة إلى ما اشتمل عليه.." [26].



كما أشار إلى الجانب الفقهي من خلال استدراكاته على شيوخ المذهب، ولا سيما الرافعي والنووي، وابن الرفعة، ونصَّ على عدم وقوفهم على بعض مصنفات الأصحاب، بل على بعض مصنفات الإمام الشافعي، أو على وقوفهم على نسخ فيها خلل... إلخ.



ونصَّ صراحة على هذا في مقدمة كتابه المهمات وفيه نقولات متعددة، أنقل ما ذكره في الآخر، حيث قال بعد ذكره مصادر الشيخين ومصادره: "... فهذه هي الكتب التي وقفت عليها، ونقلت منها بغير واسطة...وغالبها جارية في ملكي – بحمد الله تعالى – وذلك كله خارج عن كتب النووي فمن بعده إلى زماننا، وفي ظني أن هذا العدد بل ولا أكثر لم يتيسر الوقوف عليه لأحد ممن صنَّف في الفروع، فإنك إذا استقرأت مصنفي كتب الشافعية المطوَّلة وجدت الرافعي أكثرهما طلاعاً على المصنفات.... وحينئذ فإذا تأملت ما ذكرناه ظهر لك أن غالب ما وقف عليه الرافعي إنما هو من الطبقات المتأخرات عن الأربعمائة إلى زمانه، وأما المتقدِّمة عليها فنادر جداً لا سيما كتب الشافعي نفسه، بل فاته أيضاً مما بعد الأربعمائة أصول كثيرة، هي أمهات مطولات ككتاب التقريب، وتعليق البندنيجي، وكتب الفوراني، وتعليق أبي الطيب، وأكثر تعليق أبي حامد، والحاوي للماوردي، وكتب الدارمي كلها، وكتب سليم الرازي جميعها، وكتب الشيخ نصر المقدسي بأسرها، وعدة أبي الحسين الطبري، وغير ذلك مما لا يخطر بالبال، فضلاً عن الأوساط والمختصرات..." [27].



وقد نصَّ العلماء على مكانة الإسنوي، وانتهاء رئاسة المذهب إليه في عصره.

قال عنه تلميذه ابن العراقي أبو زرعة: "برع في الفقه والأصول والعربية حتى صار أوحد زمانه وشيخ الشافعية في أوانه، وصنف التصانيف النافعة السائرة" [28].



وقال السيوطي: "برع في الفقه والأصلين والعربية، وانتهت إليه رئاسة الشافعية، وصار المشار إليه بالديار المصرية، ودرَّس وأفتى وازدحمت عليه الطلبة وانتفعوا به وكثرت تلامذته، وكانت أوقاته محفوظة ومستوعبه للأشغال والتصنيف" [29].



أما الزنجاني، فلم يقصر التخريج على أصول إمامه الشافعي، بل جعلها كذلك على أصول أبي حنيفة، وفروعه من المنصوصات والأوجه، وهذا كاف في عدم اعتبار كتابه ممثلاً للجانب التطبيقي لهذا الفن، ولعل مصطلح التخريج عنده في كتابه مأخوذ من عموم الاستنباط، وليس الاستنباط الخاص على قواعد إمام معيَّن، وإن سلمنا أنه خرَّج الفرع الواحد بتخريجين، كل حكم فيه على أصل إمامه، فلن نسلِّم له إمامته في الاجتهاد المذهبي، بل لم يكن إماماً في الأصول، وهذا ظاهر في نسبة القواعد الأصولية إلى المذهبين، حيث انتقد في هذا، والله أعلم[30].



تعريفات أخرى لعلم تخريج الفروع على الأصول:

هناك تعريفات أخرى مهمة ذكرت عند أوائل من حاول تأصيل تخريج الفروع على الأصول، كعلم مستقل، عند بعض العصريين، وأهميته تكمن في تأثر كل من جاء بعدهم بما أصلوه، رغم أنهم لم يصطلحوا على أمر واحد، وتلك التعريفات هي:

التعريف الأول: "العلم الذي يبحث عن علل أو مآخذ الأحكام الشرعية لرد الفروع إليها، بيانا لأسباب الخلاف، أو لبيان حكم ما لم يرد بشأنه نص عن الأئمة بإدخاله ضمن قواعدهم أو أصولهم"[31].


وهذا التعريف اقترحه الدكتور يعقوب الباحسين، وقال: بأن تخريج الفروع على الأصول له إطلاقان عند الأصوليين وهما:

1- رد الخلافات الفقهية (الفروع) إلى القواعد الأصولية.

2- رد الفروع التي لم يرد عن الإمام فيها نصٌ إلى قواعد الإمام وأصوله[32]

الأول أخذه من صنيع الزنجاني، والثاني من صنيع الإسنوي.



وهنا وقفات مع هذا التعريف:

أولا: جعل غاية معرفة العلل والمآخذ في التخريج أمرين:

أ‌- معرفة الأسباب التي أدت إلى خلاف العلماء

ب‌- معرفة حكم ما لم يرد بشأنه نص عن الأئمة

قلت: ولعل الأول أخذه من صنيع الزنجاني، والدبوسي؛ لوجود المقارنة بين مذهبين، والثاني من صنيع الإسنوي.



ثانياً: جعل عملية التخريج هي: رد الفروع إلى الأصول؛ لأجل تلك الأغراض، سواء كانت الفروع مختلفاً فيها بين المذاهب، فيتحقق الغرض الأول، أو لرد ما لم يرد فيها عن الأئمة إلى قواعدهم وأصولهم؛ ليعرف حكمها، وبه يتحقق الغرض الثاني

ثالثاً: بدأ في تعريفه للتخريج بقوله:" بأنه البحث عن علل أو مآخذ الأحكام الشرعية.."، ولعل ذلك لأن صنيع كتب التخريج البدء بذكرها، ثم ذكر الفروع المخرجة عليها



رابعاً: المقصود بالعلل والمآخذ هي أصول الإمام وقواعده، وبهذا يخرج الاستنباط المطلق الذي هو شأن المجتهد المطلق


خامساً: الفروع التي يراد ردها إلى قواعد وأصول إمام معين لأجل الغرض الأول- وهو بيان أسباب الخلاف، أو لمجرد معرفة العلل والمآخذ- لا يشترط كونها مخرَّجة، بل يدخل فيها الروايات المنصوصة.



وذكر الدكتور يعقوب الباحسين في مسألة حكم نسبة الآراء إلى الأئمة بالتخريج أن الأحكام التي يمكن أن تدخل هي:

الأول: مما نص عليه الإمام، أو مما ورد عنه بطريق معتد بها، ويكون التخريج لغرض التوجيه والتعليل وبيان المأخذ ليس غير



والثاني: أن لا يكون للإمام رأيٌ في المسألة المفروضة فيقوم العلماء بتخريج رأي فقهي له بناء على قواعده وأصوله"[33]


بناء على ما سبق يصح دخول قواعد ابن اللحام ضمن كتب التخريج، وقد فعل ذلك الباحسين.

والذي يظهر لي عدم دخوله؛ وقد سبق.



سادساً: قول الباحسين في التعريف: "ضمن قواعدهم وأصولهم" أي: قواعد الأئمة وأصولهم.

وخلاصة ما سبق: أن الباحسين جعل التخريج على أصول وقواعد إمام معين، أما الفروع فقد تكون منصوصة عن الإمام أو غير منصوصة، أتفق معه فيما يتعلق بالأصول، وأخالفه في دخول الفروع المنصوصة في التخريج.



كما أن المقارنة بين المذاهب - كصنيع الزنجاني - ليست هدفاً للمخرِّج، ولا أعلم أحداً تابعه عليه.

ويبقى القول أن تعريف الدكتور يعقوب أفضل من التعريفات الآتية؛ لأنه قيَّد ونصَّ في تعريفه على كون الأصول يجب أن تكون على أصول وقواعد إمام معين، وعليه بنى التأصيل في كتابه التخريج عند الفقهاء والأصوليين.



التعريف الثاني: تعريف للدكتور عثمان الخضر شوشان فقال: " بعد أن عُلِم أن الأصول هي القواعد الأصولية، وأن الفروع هي الأحكام الشرعية العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلية، يمكن القول بأن معنى تخريج الفروع على الأصول هو: استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية وفق أو بواسطة القواعد الأصولية"[34].

وقال بأن: "إطلاق التخريج بهذا المعنى هو الغالب في استعمالات الفقهاء والأصوليين لهذا المصطلح، كما أنَّه هو المعنى المعتمد في هذا البحث دون ما سواه"[35].


وكون التخريج استنباطاً لا إشكال في ذلك – وقد سبق - لكن يجب تقييد الاستنباط بأنه استنباط خاص مقيَّد بأصول وقواعد إمام معين حتى يدخل في التخريج، وحتى يتميز عن استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية الذي هو شأن المجتهد المطلق.


ولم يسلِّم كذلك الدكتور جبريل المهدي للدكتور عثمان الخضر شوشان كون التخريج هو الاستنباط، وقال: "... فلماذا لا يتجه المخرِّجون إلى نصوص الكتاب والسنة ليستنبطوا منها الأحكام بواسطة القواعد الأصولية، بدلاً من الاتجاه إلى تتبع الفروع المستنبطة فعلاً؛ لبيان مآخذها التي استنبطت منها، كما هو واقع كتب تخريج الفروع على الأصول؟"[36]


قلت: وقد يقال إن الفروع المستنبطة في كتب الفقه قد استوعبت أحكام ما كان، استنباطاً من الكتاب والسنة مباشرة أو بواسطة، وبقيت أحكام النوازل وهي حوادث يتكرر وقوعها في كل عصر، إما بعينها مع تغير ظروفها الزمانية والمكانية والشخصية، أو حوادث لا نظير لها سابق، وفي كل فإن استنبط المجتهد أحكامها وفق أصول إمامه فهو التخريج، وإلا فهو الاستنباط والاجتهاد المطلق.


التعريف الثالث: للدكتور جبريل المهدي وقال بأنه: "علم يتوصل به إلى معرفة مآخذ المسائل الفقهية، ومعرفة أسباب الاختلاف فيها، ويقتدر به على تقعيدها، وتنظيرها، والمقارنة بين المختلف فيه، ورد النوازل إلى تلك المآخذ والاعتلاء على مقام الاجتهاد الاستنباطي"[37]، ثم شرح تعريفه شرحا وافياً.



ويرى الدكتور جبريل أن المقصود بالمآخذ: الأصول الشرعية بمعناها الشامل للأدلة التفصيلية، والقواعد الأصولية، والمقاصد التشريعية، والضوابط الفقهية[38]

ويرى أن وظيفة التخريج: الكشف عن الأصول الشرعية للفروع المرعية[39]


قلت: ورد الفروع إليها

وفي قوله: "الأدلة التفصيلية" نظر وغرابة.

وقال عند تلخيصه لوظيفة المخرِّج: "الكشف عن الأصول الشرعية للفروع المروية عن الأئمة المجتهدين، والمدونة في كتب الفقه المجردة عن أصولها..." [40].


وفيه أنه يرى دخول الفروع المنصوصة عنهم في التخريج، بل صرَّح أن تعامله يكون مع الفروع الفقهية المستنبطة فعلاً؛ لبيان أصولها ومآخذها التي استنبطت منها .


وقد أطال في تعريفه ليكون كاشفاً لأغراض ومقاصد العلم، وقال في ختم شرحه للتعريف: " إذ قد يكون الغرض مجرد معرفة أصل كل فرع من الفروع الفقهية، وقد ينضم إلى هذا الغرض غرض المقارنة بين المختلف فيه من الفروع الفقهية، وقد يكون الغرض تقعيد الفروع الفقهية، أو تنظيرها، وما إلى ذلك من الأغراض الكثيرة"[41].


قلت: ولو قصر الفروع على الأوجه وتخريجات الأصحاب لأمكن قبول ذلك، وإن كان يمثل جزءاً من التخريج، وهو النظر للفروع التي تم َّ تخريجها من قبل الأصحاب، دون ما لم يخرَّج، والذي اعتبره هو معنى الاستنباط، كما في تعقبه على الدكتور عثمان الخضر، وأشار إليه في تعريفه من حيث حصول الملكة، وذلك بقوله: "ويقتدر به على تقعيدها...ورد النوازل إلى تلك المآخذ "، وسبق الإشارة إلى هذا المعنى قريباً.


والذي ينظر في صنيع الإسنوي في تمهيده يرى أنه ذكر الأمرين، فقال عن الفروع:" والذي أذكره على أقسام: فمنه ما يكون جواب (أصحابنا) فيه موافقا للقاعدة، ومنه ما يكون مخالفاً لها، ومنه ما لم أقف فيه على نقل بالكلية، فأذكر ما تقتضيه قاعدتنا الأصولية، ملاحظاً أيضا للقاعدة المذهبية، والنظائر الفروعية



وواقع صنيع الإسنوي هو أنه يقوم بتخريج الفروع المخرَّجة من قبل الأصحاب، تخريج فرع على فرع، فيخرِّجها على أصولها، ولذا تعقب بتعقبات من علماء الشافعية في بعض تخريجاته، إما بمؤلفات خاصة، كما فعل ابن جماعة[42] وابن أقبرس[43]، أو من خلال كتب فروع الشافعية، وهذا فيما وقف عليه هو من أجوبة أصحابه، وأما لم يقف فنصَّ على أنَّه يقوم بتخريجها واستنباط حكمها، كما في نصِّه السابق، فالاستنباط فيه ظاهر، لكنه كما نصَّ أيضاً يكون على "ما تقتضيه قاعدتنا الأصولية، ملاحظاً أيضا للقاعدة المذهبية، والنظائر الفروعي".



والفيصل في حقيقة التخريج، يعرف من خلال تأصيل أهل العلم، في كتب الأصول عند الحديث عن طبقات المجتهدين، طبقة المجتهدين في المذهب، وكذا في الكتب المفردة في الفتوى كأدب الفتوى لابن الصلاح، وأدب الفتيا للنووي، وصفة المفتي لابن حمدان، وذلك باعتبار اشتراط الاجتهاد للمفتي، وكذا في كتاب القضاء في كتب الفقه، أو الكتب المفردة فيها باعتبار اشتراط الاجتهاد في القاضي، وذكر الجانب التأصيلي كذلك في بعض مقدمات كتب الفقه، كالمجموع للنووي، والإنصاف للمرداوي.... إلخ.

وتتجلى حقيقة التخريج كذلك بالنظر في عمل المخرِّج وصفته، وقد سبق ذكر شيء من هذا.


وقد يقال: لا مشاحة في المصطلح، إذا عرف قصد المعرِّفين السابقين.

أقول: قد يكون في التسامح بذلك جناية على المصطلح العلمي المعروف، والمتفق عليه، وهو رد ما لم ينص عليه الإمام إلى قواعد الإمام وأصوله، والله أعلم.

المبدأ الثاني: موضوع الفن: وهو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية.

وقد ذهب جمع من العلماء إلى كون موضوع العلم يتعدد، وتعدده مشروط بأن يكون بين الأمور المتعددة تناسب، بحيث تؤدي إلى غاية واحدة[44]


وموضوع علم تخريج الفروع على الأصول يتعدد للآتي:

1- القواعد الأصولية من حيث ما يبنى عليها من الفروع الفقهية.

2- الفروع الفقهية من حيث ابتناؤها على تلك الأصول، أو من حيث كونها مآخذ للفروع ومدارها

وإن شئت قلت: الأدلة الإجمالية؛ لأنها موضوع الأصول، وأفعال المكلفين؛ لأنها موضوع الفروع

زاد بعض المعاصرين: صفات المخرِّج، أو المخرِّج من حيث الأهلية وما يتعلق به من أحكام[45]، وبعضهم: كيفية التخريج. [46]، وبعضهم الشروط التي لابد من تحققها في البناء[47]، ولعلها تدخل في الأمرين السابقين، وبعضهم: الدليل التفصيلي [48]؛ بناء على أن التخريج هو الاستنباط المطلق، وقد سبق رده.


المبدأ الثالث: ثمرة الفن، وتسمى الفائدة.

قال الزنجاني ذكر في مقدمة كتابه: "ثم لا يخفى عليك أن الفروع إنما تبنى على الأصول، وأن من لا يفهم كيفية الاستنباط، ولا يهتدي إلى وجه الارتباط بين أحكام الفروع وأدلتها التي هي أصول الفقه، لا يتسع له المجال، ولا يمكنه التفريع عليها بحال "[49]


وقال الإسنوي في مقدمة كتابه: "ثمَّ إني استخرت الله تعالى في تأليف كتاب يشتمل على غالب مسائله، وعلى المقصود منه، وهو كيفية استخراج الفروع منها.... وحينئذ يعرف الناظر في ذلك مأخذ ما نص عليه أصحابنا وأصلوه، وأجملوه أو فصلوه، ويتنبه به على استخراج ما أهملوه، ويكون سلاحاً وعدة للمفتين، وعمدة للمدرسين،.... وقد مهدت بكتابي هذا طريق التخريج لكل ذي مذهب، وفتحت به باب التفريع لكل ذي مطلب، فلتستحضرأرباب المذاهب قواعدها الأصولية وتفاريعها ثمَّ تسلكما سلكته، فيحصل به - إن شاء الله تعالى - لجميعهم التمرنعلى تحرير الأدلة وتهذيبها، والتبين لمأخذ تضعيفها وتصويبها، ويتهيأ لأكثر المستعدين الملازمين للنظر فيه نهاية الأرب وغاية الطلب، وهو تمهيد الوصول إلى مقام استخراج الفروع من قواعد الأصول، والتعريج إلى ارتقاء مقامذوي التخريج...". [50]


هذان نصان يظهران ثمرة وفائدة هذا العلم، وقد بسط المتأخرون تلك الثمرات في الآتي:

ذكر الدكتور يعقوب الباحسين أنَّ الفائدة والثمرة من التخريج هي: تخريج آراء وأقوال للأئمة مبنية على تلك القواعد والأصول فيما لم يرد عنهم فيها نص[51].

قلت: وعنوان العلم (تخريج الفروع على الأصول ) يؤكد هذه الثمرة، وهي المقصودة أصالة.

ثُمَّ ذكر – أي الباحسين - أن للتخريج فوائد تبعية كثيرة، وأجملها في الآتي[52]:

1- تنمية الملكة الفقهية، والتدرب على الاستنباط والترجيح، وتفريع المسائل وبنائها على الأدلة.

2- الكشف عن المآخذ، والأسس العلمية، والمناهج المختلفة في الاستنباط، التي أدت إلى اختلاف العلماء.

3- إخراج علم الأصول من جانبه النظري إلى الجانب التطبيقي، والربط بين العلمين.

4- ربط الجزئيات الكثيرة بمآخذها، مما يساعد على فهم وحفظ المسائل الفقهية.
ولم يخرج من جاء بعده عما ذكره إجمالاً.



وذكر الدكتور يعقوب الباحسين من قبل:" أن التخريج أساساً إنما نشأ نتيجة الخلافات المذهبية، ورغبة علماء كل مذهب في الدفاع عن آراء أئمتهم، ورد استنباطاتهم الفقهية إلى أصول معينة، أو أصول مستنبطة مخرَّجة من مجموعة من الفروع الفقهية، ثم الدفاع عن تلك الأصول، لتسلم لهم قوة الفروع بقوة الأصول"[53].



قلت: هذا قد يكون مسلَّماً، ولا سيما في الزمن الذي ظهر فيه التعصب المذهبي، لكن ظهور التخريج أمر طبعي في توسع المذهب، ليشمل نوازل كل عصر، والناظر في النازلة إنما ينظر إليها بما عنده من علم في أصول الاستنباط.


وعلى كل يستفاد مما سبق أيضاً جرُّ فوائد التمذهب للتخريج، إذ إن المخرِّج كما سبق متمذهب لا يخرج عن أصول إمامه وقواعده، ومن تلك الفوائد[54]:

1- التأليف في أصول المذهب، والإلمام التام بها، إذ إن من أعظم الزلل في التخريج عدم ضبط الأصول.



يقول القرافي في مقدمة الذخيرة: "...وبيَّنت مذهب مالك – رحمه الله – في أصول الفقه؛ ليظهر علو شرفه في اختياره في الأصول كما ظهر في الفروع، ويطَّلع على موافقته لأصله أو مخالفته له، لمعارض أرجح منه فيطلبه حتى يطَّلع على مدركه، ويطلع المخالفين في المناظرات على أصله "[55].


وقال الغزالي في المنخول:" ولا مطمع في الإحاطة بالفرع وتقريره والاطلاع على حقيقته إلا بعد تمهيد الأصل وإتقانه، إذ مثار التخبط في الفروع ينتج عن التخبط في الأصول "[56].


وقال ابن السبكي في مقدمة الأشباه: "حق على طالب التحقيق، ومن يتشوف إلى المقام الأعلى في التصور والتصديق أن يحكم قواعد الأحكام ليرجع إليها عند الغموض، وينهض بعبء الاجتهاد أتمَّ نهوض، ثُمَّ يؤكدها بالاستكثار من حفظ الفروع؛ لترسخ في الذهن مثمرة عليه بفوائد غير مقطوع فضلها ولا ممنوع "[57].


2- التأليف الفقهي، والإلمام الشمولي بمنصوصات الإمام، وتخريجات الأصحاب، والتوسع المذهبي، وإظهار المؤلفات التي تعتني بالفروق بين الفروع الفقهية، والمسائل الأصولية.


3- تجنب الآراء الشاذة، والتناقض في الاختيارات، إذ إن أصول الأئمة وقواعدهم تأبى ذلك.


4- شحذ الهمم للارتقاء إلى مقام الاجتهاد المذهبي، والوقوف على طبقات الأصحاب.


المبدأ الرابع: نسبته:

قال الدكتور جبريل المهدي: "ينتسب علم تخريج الفروع على الأصول إلى مجموعة العلوم الشرعية المنهجية التطبيقية؛ لأنه يمثل الرابطة بين الفروع الفقهية وأصولها الشرعية" [58].


المبدأ الخامس: فضله:

هو فضل علمي الأصول والفقه، ويتأكد في التركيز على مآخذ الأحكام الجزئية.

قال ابن السبكي في طبقاته:" فإن المرء إذا لم يعرف علم الخلاف والمآخذ لا يكون فقيهاً إلى أن يلج الجمل في سم الخياط، وإنَّما يكون رجلا ناقلا مخبطا حامل فقه إلى غيره لا قدرة له على تخريج حادث بموجود" [59].


المبدأ السادس: واضعه:

من الصعب تحديد شخص معين يكون واضعاً له، أو تحديد أول مدون له، فكم وكم كتاب مفقود، وإلى قريب يظن أن كتاب تأسيس النظر للدبوسي كان سابقاً في التدوين، حتى ظهر كتاب تأسيس النظائر للسمرقندي [60]، وهذا على القول بأن كتابيهما في التخريج.



والكتابان السابقان صدرا الخلاف بين إمام المذهب وأصحابه، فيما يتعلق بالقواعد والضوابط الفقهية، ثم بخمس قواعد أصولية فيها الخلاف بين الحنفية وغيرهم، فيعتبران من كتب التخريج باعتبار رد الفروع إلى أصولها، سواء كانت منصوصاً عليها، أو مخرَّجة من قبل الأصحاب.



وسبق القول أن المنصوصة لا تدخل في مفهوم التخريج، ولا أرى دخول هذين الكتابين ضمن مؤلفات علم التخريج.


ومثل الكتابين السابقين كتاب تخريج الفروع على الأصول للزنجاني، من حيث إدخال الأقوال المنصوصة عن الإمام، لكن امتاز كتاب الزنجاني بالتسمية، وكثرة القواعد الأصولية، وقد قصر الخلاف فيه بين الشافعية والحنفية، وادعى السبق في التأليف [61]، وقد يُعدُّ الواضع عند من يرى كتابه في التخريج.



وجميع ما سبق قد يعترض عليه بأصول الكرخي، أو بكتب أصول الحنفية التي ربطت بين فروعها وأصولها.

ولذا حين ذكر البزدوي أن أئمتهم سباقون في ربط المسائل بأدلتها، وتقرير الأصول بتخريج الفروع عليها، وافقه عبدالعزيز البخاري في ذلك، وعلل ذلك بقوله: "لأنهم لم يتقدمهم أحد في تخريج المسائل، وتصحيح الأجوبة، ولم يبلغ غايتهم في ترتيب الفروع على الأصول وبذل المجهود في ذلك"[62]


وقد يقال: إن الواضع مجتهدو المذهب - أهل الوجوه والطرق، وأصحاب التخريج، المتبحرين في المذهب – في كل مذهب، وكذا المجتهد المطلق المنتسب عند التزامه بقواعد الإمام.



وعندي أن الإسنوي في كتابه التمهيد هو المرجح بأن يكون له السبق من حيث التصنيف والتدوين في تخريج الفروع على الأصول، وقد ادعى ذلك.



قال الإسنوي: ".. ثم بعد ذلك كله استخرت الله تعالى في تأليف كتابين ممتزجين من الفنين المذكورين [يعني الأصول والنحو] ومن الفقه لم يتقدمني إليهما أحد من أصحابنا: أحدهما: في كيفية تخريج الفقه على المسائل الأصولية. والثاني: في كيفية تخريجه على المسائل النحوية "[63]


وذلك لأن كتابه في التخريج المصطلح عليه، وهو أولى من غيره بأن يكون الواضع من حيث التدوين بهذه الطريقة، فأصوله لا تخرج عن إمامه الشافعي، وفروعه من تخريجات الأصحاب أو تخريجاته، وقلَّ أن يخالف ذلك.



هذا من حيث تجريد قواعد الأصول عن القواعد الفقهية، وباعتبار أن الأصول في مصطلح تخريج الفروع على الأصول يراد بها القواعد الأصولية – وقد سبق الحديث عن هذا الأمر – وإلا فالعلائي في كتابه المجموع المذهب في قواعد المذهب صنع نفس صنيع الإسنوي، إلا أنه لم يجرده للقواعد الأصولية.



وينبه: إلى أن التخريج من عمل الفقيه، وفي هذا يقول الغزالي في الشفاء: "..فخصوص النظر في الآحاد ليس من شأن الأصوليين، وإنما على الأصوليين ضبط القواعد، وتأسيس الأجناس، ثم إدخال التفاصيل في الجمل من شأن الفقهاء الناظرين في تفاصيل المسائل[64]



المبدأ السابع: اسمه.

يسمى بتخريج الفروع على الأصول



وذكر الدكتور جبريل المهدي كذلك: بناء، وتفريع، وتنزيل، وترتيب، وإجراء الفروع على الأصول[65].

أو ربط الفروع بالأصول، ووصلها، وإلحاقها، وردها إلى الأصول.



والذي يظهر أن بين المصطلحات المذكورة ومصطلح التخريج عموماً وخصوصاً مطلقاً؛ لأن التخريج خاص بأصول إمام معين.



وعليه فكل تخريج فهو استنباط وبناء ووصل... إلخ، وليس كل استنباط وبناء تخريجاً، إلا إذا قُيِّد الاستنباط أو البناء على أصول إمام معين.


المبدأ الثامن: استمداده.

ذكر الدكتور يعقوب الباحسين مستمده من: أصول الفقه، واللغة، والفقه، وعلم الخلاف.



وشرع في بيان كيفية الاستمداد، ثم ذكر مصادر أخرى له وهي القرآن والحديث، وما اتصل بهما من علوم، والمنطق، وآداب البحث والمناظرة[66]


وذكر الدكتور جبريل من المستمدات: جميع العلوم الشرعية المعنية بالاستدلال والاستنباط، ولم يذكر المنطق، وعلم الخلاف، وآداب البحث والمناظرة[67]


فلعله يريدها - إذا سُلم بكون الجميع من العلوم الشرعية - لكن لا يسلم للجميع بكونها من أصول الأئمة وقواعدهم



جعل الدكتور الباحسين والدكتور عثمان الخضر شوشان الاستمداد من أصول الفقه محصوراً في القواعد الأصولية - لم يصرح به الدكتور الباحسين - وما يتعلق بالمخرِّج من أحكام ومسائل[68]



بينما جعل الدكتور جبريل الاستمداد منه شاملاً للأدلة التفصيلية، والقواعد الأصولية، والفقهية، والمقاصدية[69]


لم يشر الدكتور عثمان شوشان إلى الفروع.

قلت: لكونها ثمرة الاستنباط عنده، لكن الدكتور الباحسين بيَّن "أنه باستقراء الفروع الفقهية المتعددة يمكن التوصل إلى معرفة مآخذ العلماء، واستخراج القواعد والعلل التي بنوا عليها أحكامهم "[70]

.

وما ذكره الدكتور الباحسين يدخل في الأصول والقواعد عند الدكتور جبريل وهو الصواب.



واكتفى الدكتور جبريل بقوله في مستمد الفروع:" إذ لابد لها من أصول ومآخذ"[71]


قلت: جعل الفروع مستمداً في تخريج الفروع على الفروع ظاهر؛ إذ إنهم يجعلون نصوص الإمام (الفروع) كأدلة الشرع، ويقيسون عليها، لكن هذا في تخريج الفروع على الفروع لا في تخريج الفروع على الأصول.



ذكر الدكتور يعقوب الباحسين أن الاستمداد من المنطق يكون في بعض المقدمات، وطرق ترتيب الأدلة، ووجوه الدلالات[72]


أما الدكتور عثمان الخضر شوشان فذكر الاستفادة منه تكون في بعض الأقيسة المنطقية، عند من يرى جواز استعمالها في التخريج[73]


قلت: وعلى التخريج المصطلح عليه، ليس المنطق من أصول وقواعد الأئمة، فلا يحفل به

قال الدكتور الباحسين عن استمداده من علم الخلاف: "فلأن الغاية من هذا العلم كانت بيان مآخذ العلماء ومثارات اختلافهم، ومواقع اجتهادهم، ومناظرة الخصم ومجادلته، سعياً إلى تصحيح كل منهم مذهب إمامه، والدفاع عن أصوله التي بني عليها استنباطاته، مع تضعيف رأي الخصم، وتزييف وجهة نظره" [74].


وهذا بناء على التوسع في مفهوم التخريج، بحسب مفهومه عند كل واحد على ما سبق، وبحسب التعريف المختار، يمكن قصر الاستمداد على أصول الإمام، وهذا إنما يعرف بحسب المعتمد في كل مذهب ومسطَّر في كتبهم الأصوليَّة.



المبدأ التاسع: حكمه:

نظر الدكتور الباحسين إلى حكمه من حيث ممارسته، وأرجع الحكم إلى الأغراض التي ذكرها من التخريج كما سيأتي[75]


وأرجع الدكتور جبريل حكمه من هذه الحيثية إلى الأحكام التكليفية الخمسة الواردة في المجتهد، باعتبار كون المخرِّج قادراً على الاجتهاد[76]


وجعل الدكتور الباحسين حكمه الجواز، سواء كان المقصود من التخريج مجرد التعليل وبيان الأسباب التي دعت الأئمة إلى الأخذ بما أخذوا به، أو كان المقصود منه بيان أحكام الوقائع التي لم يرد فيها نص عن الإمام، بإلحاقها بما ورد عنه بالطرق المعتد بها أصولياً



وقيَّد الجواز في المقصد الأول بقوله: "ما لم يكن ذلك في مجال التعصب فإنَّه مكروه، وقد يحرم إذا تجاوز ذلك".[77]


وهذا الاستدراك يشمل المقصد الثاني، وذلك بأن يتكلف في إثبات صحة أصول إمامه مع دركه لضعفها وخطأها، وإنما فعل ذلك تعصباً فحسب، فإنه يحرم عليه ذلك، وقد نبَّه إليه الدكتور عثمان شوشان[78]

وأطلق الدكتور الباحسين الجواز في المقصد الثاني، ولم يحدد نوعه من وجوب أو ندب أو إباحة أو كراهة


وبالنظر لما ذكره في ثمرة العلم، وخاصة الأغراض التبعية، فإن الحكم يدور بين الوجوب - الكفائي والعيني – والندب.



أما بالنظر لما ذكر أنه الثمرة المقصودة أصالة، فإن الجواز متوقف على القول بجواز التمذهب

ونظر الدكتور عثمان شوشان إلى حكم التخريج من حيث تعلمه، ونظر إلى التخريج باعتباره استنباطاً، وآلة الاستنباط أصول الفقه، لذا جعل حكم تعلم التخريج هو حكم تعلم أصول الفقه، وتعلم الثاني فرض كفاية بالنسبة لعامة الأمة، وفرض عين على المجتهدين[79]، سواء كانوا من أصحاب الاجتهاد المطلق أو المقيَّد، وشاركه في هذا الحكم الدكتور جبريل المهدي.



المبدأ العاشر: مسائله:

قال الزركشي: "وأما مسائل كل علم فهي مطالبه الجزئية التي يطلب إثباتها فيه، كمسائل العبادات، والمعاملات ونحوها للفقه، ومسائل الأمر والنهي والعام والخاص والإجماع والقياس وغيرها لأصول الفقه" [80].

فبين مسائل العلم وموضوعه صلة وثيقة، إن لم تكن هي بنفسه.



لذا قال الدكتور يعقوب الباحسين "هي نفسها موضوعات العلم، أو أنواعها أو أعراضها الذاتية، أو ما تركب من هذه الأشياء"[81].


وقال الدكتور جبريل: "ولذا يبدو أنها وموضوعه بمعنى واحد؛ لما بينهما من التلازم" [82].

ولم يذكرها الدكتور عثمان شوشان.



وسبق قول الناظم:

مَسَائِلٌ والبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى **** وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَا



هذه لقطة العجلان، وبلغة الوصول لمن أراد الوقوف على مبادئ علم تخريج الفروع على الأصول، أسأل الله أن ينفع بها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] حاشية على شرح السلم للمولوي لمحمد علي الصبان (35).

[2] انظر: الفتح المبين بمصطلحات الفقهاء والاصوليين للحفناوي (270).

[3] انظر: التخرج عند الفقهاء والأصوليين للباحسينِ (49).

[4] أدب الفتوى والمفتي والمستفتي لابن الصلاح (95) وانظر: صفة المفتي لابن حمدان(19).

[5] أدب الفتوى والمفتي والمستفتي للنووي (27) ، والمجموع له (1/ 43).

[6] انظر: حاشية قليوبي وعميرة ( 4/ 215)، وحاشية الجمل لشرح المنهج (5/ 182) وحاشية البجيرمي (4/ 248).

[7] إعانة الطالبين (4/ 243).

[8] المجموع (1/ 65) عند تفريقه بين القولين والوجهين والطريقتين.

[9] كفاية النبيه لابن الرفعة (18/ 71).

[10] أدب المفتي لابن الصلاح (97) المجموع للنووي (1/ 43-44)، التخريج عند الفقهاء والأصوليين (106).

[11] انظر: شرح مختصر الروضة (3/ 644).

[12] انظر: شرح مختصر الروضة (3/ 644).

[13] التمهيد للإسنوي (46).

[14] المهمات للإسنوي (1/ 147-148).

[15] المجموع (1/ 72)، ولم يعتبر الرافعي ابن جرير من أصحاب الوجوه، بل صاحب مذهب مستقل، وقال - كما نقل عنه الإسنوي في الهداية إلى أوهام الكفاية (20/ 577) -: "وتفرد ابن جرير لا يعد وجهاً ".

[16] انظر: القاموس الفقهي في المذهب الشافعي للمليباري (67).

[17] التقرير والتحبير (3/ 346).

[18] أدب المفتي (94-59)، وأدب الفتوى للنووي (26)، والمجموع (1/ 43).

[19]فتاوى ابن حجر الهيثمي (4/ 289).

[20] كفاية النبيه لابن الرفعة (18/ 71).

[21] انظر: تحفة المحتاج لابن حجر الهيثمي (4/ 445)، (10/ 109)،ومغني المحتاج (7/ 489).

[22] قال الدميري في النجم الوهاج (2/ 486): "وقول ابن الرفعة في (المطلب) في (صفة الصلاة): إنهما ليسا من أصحاب الوجوه، لا يوافق عليه بل ابن الرفعة نفسه ينبغي أن يكون منهم". وقال ابن حجر الهيثمي في تحفة المحتاج (10/ 109): "والذي يتجه أن هؤلاء، وإن ثبت لهم الاجتهاد فالمراد به التأهل له مطلقا، أو في بعض المسائل؛ إذ الأصح جواز تجزيه، أما حقيقته بالفعل في سائر الأبواب فلم يحفظ ذلك من قريب عصر الشافعي إلى الآن كيف وهو متوقف على تأسيس قواعد أصولية وحديثية وغيرهما يخرج عليها استنباطاته وتفريعاته وهذا التأسيس هو الذي أعجز الناس عن بلوغ حقيقة مرتبة الاجتهاد المطلق ولا يغني عنه بلوغ الدرجة الوسطى فيما سبق فإن أدون أصحابنا ومن بعدهم بلغ ذلك ولم يحصل له مرتبة الاجتهاد المذهبي فضلاً عن الاجتهاد النسبي فضلاً عن الاجتهاد المطلق".

[23] التمهيد للإسنوي (46).

[24] التمهيد للإسنوي (46).

[25] التمهيد للإسنوي (46-47).

[26] التمهيد (46).

[27] المهمات للإسنوي (1/ 131).

[28] انظر الذيل على العبر في خبر من غبر (2/ 315).

[29] انظر بغية الوعاة (2/ 92).

[30] انظر: تقديم الدكتور محمد سلام مدكور – رحمه الله – للكتاب (39-43)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين (130-131)، ودراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول لجبريل المهدي (531) رسالة علمية (آلة).

[31] التخريج عند الفقهاء والأصوليين (51).

[32] التخريج عند الفقهاء والأصوليين (49-151).

[33] التخريج عند الفقهاء والأصوليين (99).

[34] تخريج الفروع على الأصول (1/ 63).

[35] تخريج الفروع على الأصول (1/ 64).

[36] دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (17).

[37] دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (224).

[38] انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (225).

[39] انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (225).

[40] انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (225).

[41] انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (226).

[42] أسماه نكت التمهيد. انظر شرح ابن جماعة على مقدمة التنبيه (8/ 168).

[43] أسماه تجويد التمهيد، قال السخاوي في الضوء اللامع عن ابن أقبرس (5/ 293):" ولكن تصانيفه ليست بذاك"، وهو يحقق الآن في جامعة الإمام من الباحث سلمان الهمامي، وقد أفادني بحقيقة اسم الكتاب، وكذا الحاشية السابقة، وأفادني بأن ابن أقبرس ينقل كثيراً من كتاب شيخه ابن جماعة.

[44] انظر: التوضيح لصدر الشريعة (1/ 22) ،البحر المحيط (1/ 73) ،التحرير مع شرحه التيسير (1/ 111-112)، التخريج عند الفقهاء والأصوليين (52-53).

[45] انظر التخريج عند الفقهاء والأصوليين (53) تخريج الفروع على الأصول (1/ 83).

[46] انظر: تخريج الفروع على الأصول (1/ 83)، دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (206).

[47] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (53).

[48] تخريج الفروع على الأصول (1/ 82).

[49] تخريج الفروع على الأصول للزنجاني (34).

[50] التمهيد (46-47).

[51] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (56).

[52] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (56)، وتخريج الفروع على الأصول لشوشان (1/ 84).

[53] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (53).

[54] التمذهب دراسة نظرية نقدية لخالد الرويتع (3/ 1329-1359).

[55] الذخيرة (1/ 39).

[56] المنخول (59).

[57] الأشباه والنظائر (1/ 10).

[58] دراسة تحليلية مؤصلة التخريج الفروع على الأصول (206).

[59] طبقات الشافعية (1/ 319).

[60] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين ( 108-109).

[61] انظر: تخريج الفروع على الأصول للزنجاني (34).

[62] كشف الأسرار للبخاري (1/ 54-55،62).

[63] الكوكب الدري (188-189). تنبيه: لم يذكر أحد ممن ترجم للزنجاني نسبة الكتاب إليه، مما يدل على عدم شهرته، وقد كان الإسنوي خبيراً بكتب الشافعية، وترجم للزنجاني هو وغيره، ولم يذكروا هذا المصنف.

انظر: طبقات الشافعية للإسنوي (2/ 15)، طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (8/ 368)، سير أعلام النبلاء (23/ 345)، النجوم الزاهرة (7/ 67).

[64] شفاء العليل (59).

[65] انظر دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (204)

[66] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (59).

[67] انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (209).

[68] انظر: تخريج الفروع على الأصول لشوشان (1/ 83).

[69] انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (209).

[70] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (59).

[71] انظر: دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (209).

[72] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (61).

[73] انظر: تخريج الفروع على الأصول لشوشان (1/ 84).

[74] التخريج عند الفقهاء والأصوليين (59).

[75] انظر: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (61).

[76] انظر دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (212-213).

[77] التخريج عند الفقهاء والأصوليين (61).

[78] انظر: تخريج الفروع على الأصول (1/ 92).

[79] انظر: تخريج الفروع على الأصول (1/ 91-92).

[80] البحر المحيط (1/ 31).

[81] التخريج عند الفقهاء والأصوليين (55).

[82] دراسة تحليلية مؤصلة لتخريج الفروع على الأصول (206).


 

تصميم وتطوير كنون